للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدِّين، وقال ابن بطالٍ: وهذا وإن كان يدلُّ على ذمِّ الرَّأي لكنَّه مخصوصٌ بما إذا كان معارضًا للنصِّ، فكأنَّه قال: اتَّهموا الرَّأي إذا خالف السُّنة (لَقَدْ رَأَيْتُنِي) أي: رأيت نفسي (يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ) بفتح الجيم والدَّال المهملة بينهما نونٌ ساكنةٌ آخره لامٌ، ابن سُهَيل ابن عمرٍو؛ إذ جاء يَرْسُفُ في قيوده يوم الحديبية سنة ستٍّ عند كتب الصُّلح على وضع الحرب عشر سنين، ومن أتى من قريشٍ بغير إذن وليِّه ردَّه عليهم (وَلَوْ أَسْتَطِيعُ (١) أَنَّ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ ) إذ ردَّ أبا جندلٍ إلى قريشٍ لأجل الصُّلح (لَرَدَدْتُهُ) وقاتلتُ قريشًا قتالًا لا مزيد له، فكما توقَّفتُ يوم الحديبية من أجل أنِّي لا أخالف حكم رسول الله كذلك أتوقَّف اليوم؛ لأجل مصلحة المسلمين، وقد جاء عن عمر نحو قول (٢) سهلٍ (٣) ولفظه «اتقوا الرَّأي في دينكم» أخرجه البيهقيُّ في «المدخل» وأخرجه هو والطَّبرانيُّ مطوَّلًا بلفظ: «اتَّهموا الرَّأي على الدِّين، فلقد رأيتُني أردُّ أمر رسول الله برأيي اجتهادًا، فوالله ما آلوو عن الحقِّ، وذلك يوم أبي جندلٍ، حتَّى قال لي رسول الله : تراني أرضى وتأبى؟!» والحاصل -كما قال في «فتح الباري» -: أنَّ المصير إلى الرَّأي إنَّما يكون عند فقد النَّصِّ، وإلى هذا يومئ قولُ إمامنا الشَّافعيِّ فيما أخرجه البيهقيُّ بسندٍ صحيحٍ إلى أحمد ابن حنبلٍ: سمعتُ الشَّافعيَّ يقول: القياس عند الضَّرورة، ومع ذلك فليس القائل برأيه على ثقةٍ من أنَّه وقع على المراد من الحُكم في نفس الأمر، وإنَّما عليه بذل الوسع (٤) في الاجتهاد ليؤجر ولو أخطأ، وبالله التَّوفيق. ولأبي ذرٍّ: «ولو أستطيع أن أردَّ أمر رسول الله عليه (٥) لرددته» (وَمَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا) في الله (إِلَى أَمْرٍ يُفْظِعُنَا) بضمِّ التَّحتيَّة وسكون الفاء وكسر الظَّاء المعجمة: يوقعُنا في أمرٍ فظيعٍ، أي: شديدٍ في القبح (إِلَّا أَسْهَلْنَ) أي: السُّيوف ملتبسة (٦) (بِنَا) بفتح الهمزة وسكون السِّين المهملة واللَّام بينهما هاءٌ مفتوحةٌ آخره نونٌ، أي: إلَّا أفضَيْنَ بنا، ولأبي ذرٍّ عن


(١) زيد في (د): «يوم الحديبية».
(٢) زيد في (د): «أبي»، وليس بصحيحٍ.
(٣) في نسخة (ج): «أبي سهل» وشطب على كلمة «أبي» وكتب على الهامش: كذا بخطِّه، ولعلَّه: «سَهْل».
(٤) في (ع): «بذله للوسع».
(٥) «عليه»: سقط من (د).
(٦) في (س): «متلبِّسة».

<<  <  ج: ص:  >  >>