للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجهنيِّ، ولأحمد: سنان بن عبد الله، وهي أصحُّ، وفي الطَّبرانيِّ: أنَّها عمَّته كذا قاله في المقدِّمة (١)، وقال في الشَّرح: إنَّ ما في «النَّسائيِّ» لا يُفسَّر به المبهم في حديث الباب؛ لأنَّ في حديث الباب أنَّ المرأة سألت بنفسها، وفي «النَّسائيِّ» أنَّ زوجها سأل، ويحتمل أن تكون نسبة السُّؤال إليها مجازيَّةٌ (جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ): يا رسول الله (إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجَّ عَنْهَا؟) أي: أيصحُّ منِّي أن أكون نائبةً عنها فأحجَّ عنها، فالفاء الدَّاخلة عليها همزة الاستفهام الاستخباريِّ عاطفةٌ (٢) على المحذوف المقدَّر، ولم تسمَّ الأمُّ (قَالَ) : (نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ) أي: أخبريني (لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ) لمخلوقٍ (أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ) عنها؟ (قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: فَاقْضُوا) أيُّها المسلمون الحقَّ (الَّذِي لَهُ) تعالى، ودخلت المرأة في هذا الخطاب دخولًا بالقصد الأوَّل، وقد عُلِمَ في الأصول أنَّ النِّساء يدخلن في خطاب الرِّجال، لا سيَّما عند القرينة المُدخلة (٣)، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «اقضوا الله» (فَإِنَّ اللهَ) تعالى (أَحَقُّ بِالوَفَاءِ) من غيره، ومطابقة الحديث في كونه شبَّه للمرأة التي سألته عن أمِّها دَيْنَ الله بما تعرف من دَيْنِ العباد، غير أنَّه قال: «فدَيْنُ الله أحقُّ» وقول الفقهاء بتقديم حقِّ الآدميِّ لا يُنافي الأحقيَّة بالوفاء واللُّزوم؛ لأنَّ تقديم حقِّ العبد بسبب احتياجه، ثمَّ إنَّ عقد هذا الباب وما فيه يدلُّ على صحَّة القياس، والباب السَّابق يدلُّ على الذَّمِّ، وأُجيب بأنَّ القياس صحيحٌ مُشتمِلٌ على جميع شرائطه المقرَّرة في علم الأصول، وفاسدٌ بخلاف ذلك، فالمذموم هو الفاسد، والصَّحيح لا مذمَّة فيه، بل هو مأمورٌ به، وفي الباب دليلٌ على وقوع القياس منه وقد احتجَّ المزنيُّ بهذين الحديثين على من أنكر القياس، وما اتَّفق عليه الجمهور هو الحجَّة، فقد قاس الصَّحابة فمن بعدهم من التَّابعين (٤) وفقهاء الأمصار (٥).


(١) يقصد الحافظ ابن حجر، في مقدمته لشرحه المسماة «هُدَى الساري مقدمة فتح الباري».
(٢) في غير (ب) و (س): «معطوفٌ».
(٣) في (ع): «الدَّالَّة».
(٤) «من»: ليس في (ل).
(٥) زيد في (ع): «والله الموفِّق».

<<  <  ج: ص:  >  >>