للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواز، فلو (١) قال أو فعل خلاف ذلك دلَّ على نسخ ذلك التقرير إلَّا إن ثبت دليلُ الخصوصيَّة، وعند أبي داود بسندٍ صحيحٍ عن موسى بن عقبة، عن نافعٍ قال: كان ابن عمر يقول: «والله ما أشكُّ أنَّ المسيح الدَّجَّال هو ابن صيَّاد» وأجاب ابن بطَّالٍ عن التردُّد: بأنَّه كان قبل أن يُعلِمه الله بأنَّه هو الدَّجَّال، فلمَّا أعلمه لم يُنكِر على (٢) عمر حلفه، وبأنَّ العرب قد تُخرِج الكلام مَخرَج الشَّكِّ وإن لم يكن في الخبر شكٌّ، فيكون ذلك من تلطُّفه لعمر في صرفه عن قتله، وقال ابن دقيق العيد في أوائل «شرح الإلمام»: إذا أخبر شخصٌ بحضرة النَّبيِّ عن أمرٍ ليس فيه حكمٌ شرعيٌ، فهل يكون سكوته دليلًا على مطابقة ما في الواقع كما وقع لعمر في حلفه على أنَّ ابن صيَّادٍ هو الدَّجَّال فلم ينكر عليه؟ فهل يدلُّ عدم إنكاره على أنَّ ابن صيَّاد هو الدجَّال كما فهمه جابرٌ حتَّى صار يحلف عليه ويستند إلى حلف عمر، أو لا يدلُّ؟ فيه نظرٌ، قال: والأقرب عندي أنَّه لا يدلُّ؛ لأنَّ مأخذ المسألة ومناطَها هو العِصْمة من التَّقرير على باطلٍ، وذلك يتوقَّف على تحقُّق البطلان، ولا يكفي فيه عدم تحقُّق الصّحَّة إلَّا أن يدَّعيَ مدَّعٍ أنَّه يكفي في وجوب البيان عدم تحقُّق الصّحَّة، فيحتاج إلى دليلٍ وهو عاجزٌ عنه. نعم التقرير يسوِّغ الحلف على ذلك على غلبة الظن؛ لعدم توقُّف ذلك على العلم. انتهى. قال في «الفتح»: ولا يلزم من عدم تحقُّق البطلان أن يكون السُّكوت مستويَ الطَّرفين، بل يجوز أن يكون المحلوف عليه من قسم خلاف الأَولى، وقال في «المصابيح»: وقد يقال: هذا محمولٌ على أنَّه لم ينكره إنكارَ من نفى كونه الدجَّال؛ بدليل أنَّه أيضًا لم يسكت على ذلك، بل أشار إلى أنَّه متردِّدٌ، ففي «الصَّحيحين»: أنَّه قال لعمر: «إن يكن هو فلن تُسلَّط عليه» [خ¦١٣٥٤] فتردَّد في أمره، فلمَّا حلف عمر على ذلك صار حالفًا على غَلَبَة ظنِّه، والبيان قد تقدَّم من النَّبيِّ ، ثم هذا سكوتٌ عن حلفٍ على أمرٍ غيبٍ لا على حكمٍ شرعيٍّ، ولعلَّ مسألة السَّكوت والتقرير مختصَّةٌ بالأحكام الشرعيَّة، لا الأمور الغيبيَّة. انتهى. وقال البيهقيُّ: ليس في حديث جابرٍ أكثر من سكوت النّبيِّ على حلف عمر، فيحتمل أن يكون النَّبيُّ


(١) في (ص): «فإن».
(٢) «على»: سقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>