للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنَّما كان أجوب (١)؛ لأنَّ اعتراض اليهود كان تعييرًا للمسلمين على ترجيح أحد الاسمين على الآخر، واعتراض المشركين كان تعييرًا على الجمع بين اللفظين، فقوله: ﴿أَيًّا مَّا تَدْعُواْ﴾ مطابقٌ للردِّ على اليهود؛ لأنَّ المعنى: أيَّ الاسمين دعوتموه فهو به حسنٌ، وهو لا ينطبق على اعتراض المشركين، والجواب: أنَّ (٢) هذا مسلَّمٌ إذا كان ﴿أَوِ﴾ للتخيير، فلم يمنع أن تكون للإباحة؛ كما في قوله: جالِس الحسن أو ابن سيرين، فحينئذٍ يكون أجوب، وتقريبه (٣): قل: سمُّوا ذاته المقدَّسة بالله أو بالرحمنِ، فهما سيَّان في استصواب التَّسمية بهما، فبأيِّهما سمَّيته فأنت مصيبٌ، وإن سمَّيته بهما فأنت أصوب؛ لأنَّ له الأسماء الحسنى (٤)، وقد أمرنا أن ندعو بها في قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠] فجواب الشرط الأوَّل قوله: فأنت مصيبٌ، ودلَّ على الشَّرط الثَّاني وجوابه قوله: ﴿فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾ وحينئذٍ فالآية فنٌّ من فنون الإيجاز الذي هو حِلْية التنزيل، وقوله: ﴿فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾ هو من باب الإطناب، فظهر بهذا أنَّ الإباحة أنسب من التخيير؛ لأنَّ أبا جهل حظر الجمع بين الاسمين، فرُدَّ بإباحة أن يجمع بين أسماء، يعني: فكيف يمنع من الجمع بين الاسمين وقد أبيح الجمع بين الأسماء المتكاثرة؟ على أنَّ الجواب بالتخيير في الردِّ على أهل الكتاب غير مطابقٍ؛ لأنَّهم اعترضوا بالترجيح، وأُجيب بالتسوية؛ لأنَّ ﴿أَوِ﴾ تقتضيها، وكان الجواب العتيد (٥) أن يقال: إنَّما رجَّحنا «الله» على «الرَّحمن» في الذِّكر؛ لأنَّه جامعٌ لجميع صفات الكمال، بخلاف «الرَّحمن» ويُساعِد ما ذكرنا من أنَّ الكلام مع المشركين قوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ﴾ [الإسراء: ١١١] لأنَّه مناسبٌ أن يكون تسجيلًا للردِّ على المشركين.


(١) في (د): «جوابًا».
(٢) «أنَّ»: مثبتٌ من (د).
(٣) في (د) و (ع): «بقرينة».
(٤) زيد في (د): «فادعوه بها».
(٥) «العتيد»: ليس في (د) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>