للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملائكة الموكَّلون بذلك ومن شاء الله من خلقه، وأشار إلى أنواع الزَّمان وما فيها من الحوادث بقوله: (وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ) من خيرٍ وشرٍّ وغيرهما (إِلَّا اللهُ) وعبَّر بلفظ «غدٍ» لأنَّ حقيقته أقرب الأزمنة، وإذا كان مع قربه لا يُعلَم حقيقة ما يقع فيه فما (١) بعده أحرى، وأشار إلى العالم العلويِّ بقوله: (وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ) ليلًا أو نهارًا (أَحَدٌ إِلَّا اللهُ) نعم إذا أمر به؛ علمته الملائكة الموكَّلون به ومن شاء الله من خلقه، وأشار إلى العالم السُّفليِّ بقوله: (وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَّا اللهُ) أي: أين تموت؟ وربَّما أقامت بأرضٍ وضربت أوتادها وقالت: لا أبرح منها، فترمي بها مرامي القدر حتَّى تموت في مكانٍ لا (٢) يخطر ببالها، كما رُوِي: أنَّ ملك الموت مرَّ على سليمان بن داود (٣)، فجعل ينظر إلى رجلٍ من جلسائه يديم النَّظر إليه، فقال الرَّجل: من هذا؟ فقال: ملك الموت، فقال: كأنَّه يريدني، فمُرِ الرِّيح أن تحملني وتلقيني بالهند، ففعل، فقال ملك الموت: كان دوام نظري إليه (٤) تعجُّبًا منه؛ إذ أُمِرت أقبض روحه بالهند وهو عندك!

وفي «الطَّبرانيِّ الكبير» عن أسامة بن زيدٍ قال: قال رسول الله : «ما جعل الله منيَّة عبدٍ بأرضٍ إلَّا جعل (٥) له فيها حاجةً» وإنَّما جعل العلم لله والدِّراية للعبد؛ لأنَّ في الدِّراية معنى الحيلة، والمعنى أنَّها -أي: النَّفس- لا تعرف -وإن (٦) أعملت حيلتها (٧) - ما يختصُّ بها، ولا شيء أخصَّ بالإنسان من كسبه وعاقبته، فإذا لم يكن له طريقٌ إلى معرفتهما؛ كان من معرفة ما عداهما (٨) أبعد، وأمَّا المنجِّم الذي يخبر (٩) بوقت الغيث (١٠) والموت فإنَّه يقول بالقياس


(١) في غير (س): «فيما»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٢) في (س): «لم».
(٣) «بن داود »: ليس في (د).
(٤) «إليه»: ليس في (س).
(٥) زيد في (د): اسم الجلالة.
(٦) في (د): «وإنَّما».
(٧) في (د): «حيلها».
(٨) في (ع): «سواهما».
(٩) في (د) و (ع): «المنجِّمون الذين يخبرون».
(١٠) في (ب) و (س): «الغيب».

<<  <  ج: ص:  >  >>