للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأسماء الحسنى، والصفات العُلى، قال: ومعنى قولنا: «واجب الوجود»: أنَّه اضطرَّ جميع الموجودات إلى معرفة وجوده، وألزمها إيجاده إيَّاها، قال تعالى -وقد ذكر دلائله- واستشهاده ببيِّناته: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الحج: ٦] فأوجب عن واجب وجوده أنَّه يحيي الموتى، وأنه على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنَّ وجود كلِّ ذي وجودٍ (١) عن وجوده، ثمَّ قال: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢] أي: لا وجود له؛ إذ ليس له (٢) في الوجود وجود ألبتَّة، فاستحال لذلك وجوده، فالموجودات من حيث إنَّها ممكنةٌ لا وجود لها في حدِّ ذاتها ولا ثبوت لها من قبل أنفسها، وإيَّاه عنى الشَّاعر بقوله:

ألا كلُّ شيءٍ ما خَلا اللهَ باطل … وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائل (٣)

ولمَّا أظهر جملة المخلوقات التي خلقها بالحقِّ وللحقِّ قال: ﴿خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ [العنكبوت: ٤٤] فظهر الحقُّ بعضه لبعضٍ ودلَّ عليه به، فالله تعالى هو الحقُّ المبين، وجوده الحقُّ، وقوله الحقُّ، وقدرته الحقُّ، وعلمه الحقُّ، وإرادته الحقُّ، وصفاته العلى الحقُّ، وأسماؤه كلُّها الحقُّ، وأَوْجَد فعله الحقَّ بكلمته الحقِّ، فالحقُّ بوجوب (٤) وجوده وعموم حقيقته قد ملأ أركان الوجود كلَّها، وشمل نواحي (٥) العلم، وأطبق على أقطار التَّفكير، فلم يكن للباطل من الوجود نصيبٌ.


(١) زيد في (د): «وجوب».
(٢) «له»: ليس في (د).
(٣) قوله: «وكلُّ نعيمٍ لا محالة زائل» ليس في (د) و (ع).
(٤) في (د): «بوجود»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٥) في (د) و (ع): «بنواحي».

<<  <  ج: ص:  >  >>