للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُنسَب كلُّ اسمٍ له، فيقال: الكريم من أسماء الله، ولا يقال: من أسماء الكريم الله (مَنْ أَحْصَاهَا) أي: حفظها، كما فسَّره (١) به البخاريُّ -كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى- والأكثرون، ويؤيِّده ما سبق في «الدَّعوات» [خ¦٦٤١٠] «لا يحفظها أحدٌ إلَّا» (دَخَلَ الجَنَّةَ) أو المعنى ضَبَطَها حصرًا وتعدادًا أو علمًا وإيمانًا، وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقًا، أو بمعنى الإطاقة، أي: أطاق القيام بحقِّها والعمل بمقتضاها، وذلك بأنَّ يعتبر معانيها، فيطالب نفسه بما تتضمَّنه من صفات الرُّبوبيّة وأحكام العبوديّة، فيتخلَّق بها، وقال الطِّيبيُّ: إنَّما (٢) أكَّد الأعداد دفعًا للتجوُّز واحتمال الزِّيادة والنُّقصان، وقد أرشد الله تعالى بقوله: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ﴾ [الأعراف: ١٨٠] إلى عِظَمِ الخطب في الإحصاء بألَّا يُتجَاوز المسموع والأعداد المذكورة، وألَّا يُلحَد فيها (٣) إلى الباطل. انتهى.

ثمَّ إنَّ مفهوم الاسم قد يكون نفس الذَّات والحقيقة، وقد يكون مأخوذًا باعتبار الأجزاء، وقد يكون مأخوذًا باعتبار الصِّفات والأفعال والسُّلوب والإضافات، ولا خفاء في تكثُّر (٤) أسماء الله تعالى بهذا الاعتبار، وامتناع (٥) ما يكون باعتبار الجزء؛ لتنزُّهه تعالى عن التَّركيب، فإن قلت: اعتبار السُّلوب والإضافة يقتضي تكثُّر أسماء الله تعالى جدًّا، فما وجه التَّخصيص بالتِّسعة والتِّسعين على ما نطق به الحديث، على أنَّه قد دلَّ الدُّعاء المشهور عنه على أنَّ لله (٦) أسماء لم يُعلِّمها أحدًا من خلقه، واستأثر بها في علم الغيب عنده، وورد في الكتاب والسُّنَّة أسامٍ خارجةٌ عن التِّسعة والتِّسعين، كالكافي، والدَّائم، والصَّادق، وذي المعارج، وذي الفضل (٧)، والغالب … إلى غير ذلك؟ أُجيب بوجوهٍ: منها: أنَّ التَّنصيص


(١) في (د): «فسَّر».
(٢) في (د): «كما»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٣) في (د): «منها».
(٤) في (د): «تكثير».
(٥) في (د) و (ع): «واعتبار»، ولعلَّه سبق نظرٍ.
(٦) زيد في النُّسخ: «تسعة»، والمثبت هو الصَّواب.
(٧) «وذي الفضل»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>