للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا وأضداد (١) هذا، فتبارك الله أحسن الخالقين، وأمَّا ﴿الْبَارِئُ﴾ فقالوا: معناه الخالق، يقال: برأ الله الخلق يبرؤهم برءًا وبروءًا، أي: خلقهم، والبريَّة: الخلق، بالهمز وبغيره، قالوا: والبريئة: من البرا، وهو التُّراب، وقد جاء هذا الاسم بين اسمي فعلٍ، وقد جاءت الرِّوايات بتعداد (٢) الأسماء وذكر الاسمين معًا في العدد، فلو كان مفهومهما واحدًا لاستغنى بذكر أحدهما عن الآخر، فلا بدَّ من فارقٍ يفرِّق بينهما وإن تقاربت الأشباه، فالإيجاد والإبداع اسمٌ عامٌّ لما تناوله (٣) معنى الإيجاد، ومعنى الإيجاد إخراج ذات المكوَّن من العدم إلى الوجود، واسم الخلق: يتناول جميع الموادِّ الظَّاهرة للمصنوع الظَّاهر، وهذا حدٌّ خاصٌّ في الخلق، واسم البرء: يتناول إيجاد البواطن من باطن ما خلق منه ذوات المقادير، وهي الأجسام، وجعل الذَّوات ذواتًا في الكون، محمولة في الأجسام، محجوبةً في الهياكل، وأمَّا ﴿الْمُصَوِّرُ﴾ فهو مبدع صور المخلوقات على وجوه تتميَّز بها عن غيرها، من تقديرٍ وتخطيطٍ واختصاصٍ بشكلٍ، ونحو هذا، فالله تعالى خالق كلِّ شيءٍ، بمعنى أنَّه مقدِّره أو موجده من أصلٍ ومن غير أصلٍ، وبارئه حسبما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته من غير تفاوتٍ واختلالٍ (٤)، ومصوِّره بصورةٍ يترتَّب عليها خواصُّه ويتمُّ بها كماله.


(١) زيد في (ع): «ونحو» ولعلَّه سبق نظرٍ.
(٢) في (د): «بتعدُّد».
(٣) زيد في (د) و (ع): «من».
(٤) في (د): «واختلافٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>