للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العرش» عن بعض السَّلف: أنَّ العرش مخلوقٌ من ياقوتةٍ حمراءَ بُعْدُ ما بين قُطْرَيه ألف سنةٍ، واتِّساعه خمسون ألفَ سنةٍ، إنَّه أبعد ما بين العرش إلى الأرض السَّابعة مسيرة خمسين ألف سنةٍ، وقيل -ممَّا ذكره في «المدارك» -: إنَّ الله خلق ياقوتةً خضراء، فنظر إليها بالهيبة، فصارت ماءً، ثمَّ خلق ريحًا، فأقرَّ الماء على متنه، ثمَّ وضع عرشه على الماء، وفي وقوف العرش على الماء أعظم اعتبارٍ لأهل الأفكار.

(﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: ١٢٩]) روى ابن مردويه في «تفسيره» مرفوعًا: «إنَّ السَّموات السَّبع والأرضين السَّبع عند الكرسيِّ كحلقةٍ ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ، وإنَّ فضل العرش على الكرسيِّ كفضل الفلاة على تلك الحلقة».

(قَالَ أَبُو العَالِيَةِ) رُفيع بن مهران الرِّياحيُّ في قوله تعالى: (﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾) معناه: (ارْتَفَعَ) وهذا وصله الطَّبريُّ، وقال أبو العالية أيضًا في قوله تعالى: (﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٩]) أي: (خَلَقَهُنَّ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «فسوَّى» أي: «خَلَقَ».

(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) المفسِّر في قوله تعالى: (﴿اسْتَوَى﴾) ﴿عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤] أي: (عَلَا عَلَى العَرْشِ) وهذا وصله الفِريابيُّ عن ورقاء، عن ابن أبي نَجيح عنه، قال ابن بطَّال: وهذا صحيحٌ، وهو المذهب الحقُّ، وقولُ أهل السُّنَّة؛ لأنَّ الله وصف نفسه بالعلي، وقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ وهي صفة من صفات الذات، قال في «المصابيح»: وما قاله مجاهد مِن أنَّه بمعنى علا، ارتضاه غير واحد من أئمَّة أهل السُّنَّة، ودفعوا اعتراض مَن قال: علا بمعنى ارتفع من غير فَرْق، وقد أبطلتموه؛ لِمَا في ظاهره مِنَ الانتقال مِنْ سُفْل إلى علْوٍ، وهو محالٌ على الله، فليكن علا كذلك؟ ووجه الدفع أنَّ الله تعالى وصف نفسه بالعلوِّ، ولم يصف نفسه بالارتفاع. وقال المعتزلة معناه: الاستيلاء بالقهر والغلبة ورُدَّ: بأنَّه تعالى لم يزل قاهرًا غالبًا مستوليًا، وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى﴾ يقتضي افتتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن، ولازم تأويلهم أنَّه كان مغالَبًا فيه، فاستولى عليه بقهرِ مَن غالبه، وهذا منتفٍ عن الله، وقالت (١) المجسِّمة معناه: الاستقرار، ودُفع: بأنَّ الاستقرار من صفات الأجسام ويَلزمُ منه الحُلُولُ، وهو محالٌ في حقِّه تعالى، وعند أبي القاسم اللَّالكائيِّ في «كتاب السنة» من طريق


(١) في (د): «وقال».

<<  <  ج: ص:  >  >>