جبريلُ، وخصَّه بالذّكر بعد العموم، لفضله وشرفه، أو خَلْقٌ هم حفظةٌ على الملائكة، كما أنَّ الملائكةَ حفظةٌ علينا، أو أرواحُ المؤمنين عند الموت (﴿إِلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤]) أي: إلى عرشه، أو إلى المكان الذي هو محلُّهم وهو في السماء؛ لأنَّها محلُّ بِرِّه وكرامته (وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠]) أي: إلى محلِّ القبول والرضا، وكلُّ ما اتَّصف بالقبول وُصِفَ بالرِّفعة والصعود.
(وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ) بالجيم والرَّاء نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، مما سبق موصولًا في «باب إسلام أبي ذرٍّ»[خ¦٣٨٦١](عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)﵄: (بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لأَخِيهِ) أُنيس بضمِّ الهمزة مصغَّرًا: (اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ) وهذا موضع التّرجمة كما (١) لا يخفى.
(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفريابيُّ: (العَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ) وقد أخرج البيهقيُّ من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاسٍ في تفسيرها: ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ ذِكْرُ الله، ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ﴾: أداء فرائض الله، فمن ذكر الله ولم يؤدِّ فرائضه رُدَّ كلامه، وقال الفرَّاء معناه: أنَّ العمل الصالح يرفع الكلام الطيِّب إذا كان معه عملٌ صالحٌ، وقال البيهقيُّ: صعود الكلام الطَّيِّب عبارةٌ عن القبول (يُقَالُ): معنى (ذِي المَعَارِجِ) هو (المَلَائِكَةُ) العارجات (تَعْرُجُ إِلَى اللهِ)﷿، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْمِيهَنيِّ:«إليه» وفي قوله: «إلى الله» ما تقدَّم عن السّلف مِنَ التّفويض، وعن الخلف مِنَ التأويل، وإضافةُ المعارج إليه تعالى إضافة تشريفٍ، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان.