للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المصاحَبَة في النَّار، يعني: كما لم نكن مصاحبين لهم في الدنيا؛ لا نكون مصاحبين لهم في الآخرة (وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: لِيَلْحَقْ) بالجزم على الأمر (كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا) زاد في «النِّساء» (١) [خ¦٤٥٨١] «الَّذي كنَّا نعبدُ» (قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الجَبَّارُ) تعالى إتيانًا منزَّهًا عن الحركة وسمات الحدوث (فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّل مَرَّةٍ) وقوله (٢): «في صورةٍ» أي: علامة وَضَعَها لهم دليلًا على معرفته، أو في صفةٍ، أو هي (٣) صورة الاعتقاد، أو خرج على وجه المشاكلة، وقوله: «غير صورته» قيل: يُشير به إلى ما عرفوه حين أخذ ذرِّيَّة آدم من صلبه، ثمَّ أنساهم ذلك في الدُّنيا، ثمَّ يذكِّرهم بها في الآخرة (فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا؟ فَلَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا الأَنْبِيَاءُ فَيَقُولُ) ولأبي ذرٍّ: «فيقال»: (هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ) علامةٌ (تَعْرِفُونَهُ) بها؟ (فَيَقُولُونَ: السَّاقُ) بالسِّين المهملة والقاف، ويَحتمل أنَّ الله عرَّفهم على ألسنة الرُّسل (٤) من الأنبياء أو الملائكة أنَّ الله جعل لهم علامةَ تجلِّيه (٥): السَّاق، وهو كما قال ابن عبَّاسٍ في تفسير: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢] الشِّدَّة من الأمر، والعرب تقول: قامت الحرب على ساقٍ إذا اشتدَّت، أو هو النُّور العظيم كما رُوِيَ عن أبي موسى الأشعريِّ، أو ما يتجدَّد للمؤمنين من الفوائد والألطاف كما قال ابن فورك، أو رحمةٌ للمؤمنين نقمةٌ لغيرهم قاله المهلَّب (فَيَكْشِفُ) تعالى (عَنْ سَاقِهِ) وقيل: «السَّاق» يأتي بمعنى النَّفس، أي: تتجلَّى لهم ذاته المقدَّسة (٦) (فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِله رِيَاءً) ليراه النَّاس (وَسُمْعَةً) ليسمعهم (فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ) قال العينيُّ: «كي» هنا بمنزلة لام التَّعليل في المعنى والعمل، دخلت على «ما» المصدريَّة، بعدها «أن» مضمرةٌ، تقديره يذهب لأجل السُّجود، قال النَّوويُّ: وهذا السُّجود امتحانٌ من الله تعالى لعباده (فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا) كالصَّحيفة (٧) فلا يَقْدِر على السُّجود (ثُمَّ يُؤْتَى بِالجَِسْرِ؟) بكسر الجيم في الفرع وتفتح، والفتح


(١) في (ع): «النَّسائيِّ».
(٢) قوله: «غير صورته الَّتي رأوه فيها أوَّل مرَّةٍ وقوله» جاء في (د) و (ع) بعد قوله: «على وجه المشاكلة، وقوله».
(٣) في (د): «في».
(٤) في (ع): «المرسل».
(٥) في (د): «عليه».
(٦) «المقدسة»: ليس في (د).
(٧) في (د) و (ع): «كالصفيحة».

<<  <  ج: ص:  >  >>