للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه على عباده، قال الطِّيبيُّ: وأنشد في المعنى:

أشتاقه فإذا بدا … أطرقت من إجلاله

لا خيفةً بل هيبةً … وصيانةً لجماله

وأصدُّ عنه تجلُّدًا … وأروم طيف خياله

انتهى.

والحديث من المتشابه؛ إذ لا وجه حقيقةً ولا رداءٌ، فإمَّا أن يُفوَّض أو يُؤوَّل؛ كأن يُقال: استعار لعظيم سلطان الله وكبريائه وعظمته وجلاله المانع إدراك أبصار البشر مع ضعفها (١) لذلك رداء الكبرياء، فإذا شاء تقوية أبصارهم وقلوبهم كشف عنهم حجاب هيبته وموانع عظمته، وقال أبو العبَّاس القرطبيُّ: الرِّداء استعارةٌ كنَّى بها عن العظمة كما في الحديث الآخر: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري» وليس المراد الثِّياب المحسوسة، لكنَّ المناسبة أنَّ الرِّداء والإزار لمَّا كانا ملازمين للمخاطب من العرب عبَّر عن العظمة والكبرياء بهما. انتهى. واستُشكِل في «الكواكب» ظاهر الحديث: بأنَّه يقتضي أنَّ رؤية الله غير واقعةٍ، وأجاب بأنَّ مفهومه بيان قرب النَّظر؛ إذ رداء الكبرياء لا يكون مانعًا من الرُّؤية، فعبَّر عن زوال المانع عن الأبصار بإزالة الرِّداء، قال الحافظ ابن حجرٍ: وحاصله أنَّ رداء الكبرياء مانعٌ من الرُّؤية، فكأنَّ في الكلام حذفًا تقديره بعد قوله: «إلَّا رداء الكبرياء» فإنَّه يمنُّ عليهم برفعه، فيحصل لهم الفوز بالنَّظر إليه، فكأنَّ المراد أنَّ المؤمنين إذا تبوَّؤوا مقاعدهم من الجنَّة لولا ما عندهم من هيبة الجلال لما حال بينهم وبين الرُّؤية حائلٌ، فإذا أراد إكرامهم حفَّهم برأفته، وتفضَّل عليهم بتقويتهم على النَّظر إليه . انتهى. وهو معنى قول التُّوربشتيِّ السَّابق، والحاصل: أنَّ رؤية الله تعالى واقعةٌ يوم القيامة في الموقف لكلِّ أحدٍ من (٢) الرِّجال والنِّساء، وقال قومٌ من أهل السُّنَّة: تقع أيضًا للمنافقين، وقال آخرون: وللكافرين أيضًا، ثمَّ يُحجَبون بعد ذلك لتكون عليهم (٣) حسرةً، وأمَّا الرُّؤية في الجنَّة فأجمع أهل السُّنَّة على أنَّها حاصلةٌ للأنبياء والرُّسل والصِّدِّيقين من كلِّ أمَّةٍ ورجال المؤمنين من البشر من هذه الأمَّة، واختُلِف في نساء هذه


(١) إلى هنا انتهى السَّقط في (ص). وقد بدأ قبل الحديث (٧٣٦٩).
(٢) «من»: ليس في (د).
(٣) «عليهم»: ليس في (ب) و (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>