للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخلاف، وقاله ليطيِّب (١) قلوب أصحابه؛ إذ كانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحجِّ إليها لإرادتهم مُوافَقته ، أي: ما يمنعني من موافقتكم فيما أمرتكم به إلَّا سوقي الهديَ، ولولاه لوافقتكم، وإنَّما كان الهديُ علَّةً لانتفاء الإحرام بالعمرة لأنَّ صاحب الهديِ لا يجوز له التَّحلُّل حتَّى ينحره ولا ينحره إلَّا يوم النَّحر، والمتمتِّع يتحلَّل من عمرته قبله، فيتنافيان (٢) (فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ) قالت عائشة: (وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ) ذلك (إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: دَعِي عُمْرَتَكِ) أي: أفعالها وارفضيها (وَانْقُضِي رَأْسَكِ) أي: شعرها (وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ) أي: مع عمرتك أو (٣) مكانها (فَفَعَلْتُ) ذلك كلَّه (حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ) بفتح الحاء وسكون الصَّاد، و «ليلةُ» بالرَّفع على أنَّ «كان» تامَّةٌ، أي: وجدت، وبالنَّصب على أنَّها ناقصةٌ، واسمها «الوقت» (أَرْسَلَ) (مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق (فَخَرَجْتُ) معه (إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ) منه (مَكَانَ عُمْرَتِي) التي تركتها، لا يُقال: ليس في الحديث دلالةٌ على التَّرجمة لأنَّ أمرها بنقض الشَّعر كان للإهلال وهي حائضٌ لا عند غسلها؛ لأنَّا نقول: إنَّ نقض شعرها إن كان لغسل الإحرام وهو سنَّةٌ، فلغسل الحيض أَوْلى لأنَّه فرضٌ، وقد كان ابن عمر يقول بوجوبه، وبه قال الحسن وطاوسٌ في الحائض دون الجنب، وبه قال أحمد، لكن رجَّح جماعةٌ من أصحابه الاستحباب فيهما، واستدلَّ الجمهور: على عدم وجوب النَّقض بحديث أمِّ سلمة: إنِّي امرأةٌ أشدُّ ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: «لا» رواه مسلمٌ، وقد حملوا حديث عائشة هذا على الاستحباب جمعًا بين الرِّوايتين. نعم إن لم يصلِ الماء إلَّا بالنَّقض وجب.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفيِّ ومدنيِّ، وفيه: التَّحديث والعنعنة.

(قَالَ هِشَامٌ) أي (٤): ابن عروة (وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا صَدَقَةٌ)


(١) في (م): «لتطييب».
(٢) في (د) و (م) و (ج): «فتنافيا».
(٣) في (د): «أي».
(٤) «أي»: ليس في (ب) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>