للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه ممَّا يُنتَفع به؛ كالعلم والرِّزق حلالًا وحرامًا، قليلًا وكثيرًا (وَأَجَلَهُ) طويلًا أو قصيرًا (وَعَمَلَهُ) أصالحٌ أم لا؟ (وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟) حسبما اقتضته حكمته وسبقت به (١) كلمته، وكان من حقِّ الظَّاهر أن يُقال: سعادته وشقاوته، فعدل عنه إمَّا حكايةً لصورة ما يكتبه؛ لأنَّه يكتب شقيٌّ أو سعيدٌ، أو التَّقدير أنَّه شقيٌّ أو سعيدٌ فعدل؛ لأنَّ الكلام مسوقٌ إليهما، والتَّفصيل واردٌ عليهما، قاله في «شرح المشكاة»، وقال في «المصابيح»: «أم» -أي: في قوله أم سعيدٌ- هي المتَّصلة، فلا بدَّ من تقدير الهمزة محذوفةً، أي: أشقيٌّ أم سعيدٌ، فإن قلت: كيف يصحُّ تسليط فعل الكتابة على هذه الفعليَّة الإنشائيَّة (٢) التي هي من كلام المَلَك، فإنَّه يسأل ربَّه عن الجنين أشقيٌّ هو أم سعيدٌ؟ فما أخبر (٣) الله به من سعادته أو شقاوته كتبه الملك، ومقتضى الظَّاهر أن يُقال: وشقاوته أو سعادته، فما وجه ما وقع هنا؟ قلت: ثَمَّ مضافٌ محذوفٌ، تقديره وجواب «أشقيٌّ (٤) أم سعيدٌ» وجواب هذا اللَّفظ هو شقيٌّ أو هو سعيدٌ، فمضمون هذا الجواب هو الذي يُكتَب، وانتظم الكلام ولله الحمد، وهو نظير قولهم: علمت أزيدٌ قائمٌ، أي: جواب هذا الكلام، ولولا ذلك لم يستقم ظاهره لمنافاة الاستفهام لحصول العلم وتحقُّقه (ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ) بعد تمام صورته (فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ) من الطَّاعة (حَتَّى لَا) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «حتَّى ما» (يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ) هو مَثَلٌ يُضرَب لمعنى المقاربة إلى الدُّخول (فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ) (٥) الذي كتبه الملك وهو في بطن أمِّه عقب ذلك (فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ) من المعصية (فَيَدخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ (٦) أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا).


(١) «به»: مثبتٌ من (د).
(٢) في «مصابيح الجامع» (١/ ٢٢٦): «الجملة الإنشائية».
(٣) في (س): «أخبره»، والمثبت موافق للمصابيح.
(٤) في (د): «وشقيٌّ».
(٥) زيد في (ع): «وتحقُّقه».
(٦) في (د) و (ص): «بعمل»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>