للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُوحَى إليه؟ وإنَّ شريكًا تفرَّد بذلك، فارتفع الإشكال؛ كذا (١) قرَّره الحافظ ابن حجرٍ ، وقيل: المراد قبل أن يُوحَى إليه في بيان الصَّلاة، ومنهم من أجراه على ظاهره ملتزمًا أنَّ الإسراء كان مرَّتين قبل النُّبوَّة (٢) وبعدها كما حكاه في «المصابيح» ونقلته عنه في كتابي (٣) «المواهب اللَّدنيَّة» وأمَّا دعواهم تفرُّد شريكٍ فقال الحافظ أيضًا: إنَّه قد وافقه كثير بن خُنَيسٍ -بالخاء المعجمة ونونٍ مُصغَّرًا (٤) - عن أنسٍ كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيدٍ الأمويُّ في «كتاب المغازي» من طريقه، وكان مجيء الملائكة له (فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ) الثَّابت في الرِّوايات أنَّه كان في اليقظة، فإن قلنا بالتَّعدُّد فلا إشكال، وإلَّا فيُحمَل هذا مع قوله آخر الحديث: «واستيقظ وهو في المسجد الحرام» على (٥) أنَّه كان في طرفي القصَّة نائمًا، وليس في ذلك ما يدلُّ على كونه نائمًا فيها كلِّها (فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ) (حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ) (فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ) بفتح اللَّام والموحَّدة المشدَّدة، موضع القلادة من الصَّدر ومنها تُنحَر الإبل (حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ) بيد جبريل (حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ) ليتهيَّأ للتَّرقِّي إلى الملأ الأعلى، ويثبت في المقام الأسنى، ويتقوَّى لاستجلاء الأسماء الحسنى، وكذا وقع شقُّ صدره الشَّريف (٦) في صغره عند حَلِيمة وعند النُّبوَّة، ولكلٍّ حكمةٌ، بل ذكر الشَّقِّ مرَّةً أخرى نبَّهتُ عليها مع غيرها في «المواهب» تبعًا للحافظ ابن حجرٍ.

(ثُمَّ أُتِيَ) (بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ) وكان إذ ذاك لم يحرم استعماله (فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ) بالمثنَّاة الفوقيَّة من «تورٍ» وهو إناءٌ يُشرَب فيه، وهو يقتضي أن يكون غير الطَّست، وأنَّه كان داخل الطَّست (مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً) قال في «الفتح»: قوله: «محشوًّا» حالٌ من الضَّمير في الجارِّ والمجرور، والتَّقدير بطستٍ كائنٍ من ذهبٍ، فنقل الضَّمير من اسم الفاعل إلى الجارِّ


(١) في (د): «كما».
(٢) زيد في (ص): «أيضًا».
(٣) في (ع): «كتاب».
(٤) في (د): «مُصغَّرٌ».
(٥) «على»: ليس في (ص) و (ع).
(٦) في (ع): «الشَّريفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>