للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قدامة عن الأعمش عن مجمعٍ قال: «الملك مداده ريقه، وقلمه لسانه».

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) في قوله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾ (يُكْتَبُ الخَيْرُ وَالشَّرُّ).

وقوله: (﴿يُحَرِّفُونَ﴾) في قوله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ١٣] أي: (يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ ﷿، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ) يحتمل أن يكون هذا من كلام المؤلِّف ذيَّل (١) به على تفسير ابن عبَّاسٍ، وأن يكون من بقيَّة كلام ابن عبَّاسٍ في تفسير الآية، وقد صرَّح كثيرٌ بأنَّ اليهود والنَّصارى بدَّلوا ألفاظًا كثيرةً من التَّوراة والإنجيل وأتوا بغيرها من قِبَل أنفسهم، وحرَّفوا أيضًا كثيرًا من المعاني بتأويلها على غير الوجه، ومنهم من قال: إنَّهم بدَّلوهما كلَّهما، ومن ثمَّ قيل: بامتهانهما، وفيه نظرٌ؛ إذ الآيات والأخبار كثيرةٌ في أنَّه بقي منهما أشياء كثيرةٌ لم تُبدَّل، منها آية ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ﴾ [الأعراف: ١٥٧] وقصَّة رجم اليهوديِّين، وقيل: التَّبديل وقع في اليسير منهما، وقيل: وقع في المعاني لا في الألفاظ، وهو الذي ذكره هنا، وفيه نظرٌ فقد وُجِد في الكتابين ما لا يجوز أن يكون بهذه الألفاظ من عند الله أصلًا، وقد نقل بعضهم الإجماع على أنَّه لا يجوز الاشتغال بالتَّوراة والإنجيل ولا كتابتهما ولا نظرهما، وعند أحمد والبزَّار -واللَّفظ له- من حديث جابرٍ قال: نسخ عمر كتابًا من التَّوراة بالعربيَّة، فجاء به إلى النَّبيِّ فجعل يقرأ، ووجه النَّبيِّ يتغيَّر، فقال له رجلٌ من الأنصار: ويحك يا ابن الخطَّاب؛ ألا ترى وجه رسول الله ؟ فقال رسول الله : «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيءٍ فإنَّهم لن يهدوكم و (٢) قد ضلُّوا، وإنَّكم إمَّا أن تكذِّبوا (٣) بحقٍّ أو تصدِّقوا بباطلٍ، واللهِ لو كان موسى بين أظهركم ما حلَّ له إلَّا اتّباعي» ورُوِي في ذلك أحاديث أخر كلُّها ضعيفةٌ، لكنَّ مجموعها يقتضي أنَّ لها أصلًا، قال الحافظ ابن حجرٍ في «الفتح» -ومنه لخَّصت ما ذكرته-: والذي يظهر أنَّ كراهة (٤) ذلك للتَّنزيه لا للتَّحريم، والأَولى في هذه المسألة التَّفرقة بين من لم يتمكَّن ويَصِرْ


(١) في (ع): «دليل»، وهو تحريفٌ.
(٢) زيد في (ع): «إنَّهم».
(٣) في (د): «تكذِّبوهم».
(٤) في (د): «كراهيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>