للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجيبًا عن سبب ذلك الصِّدق، وأنَّه إذا اتَّفق أن يصدق لم يتركه خالصًا، بل يشوبه بالكذب (تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ) بفتح التَّحتيَّة والطَّاء المهملة بينهما خاءٌ معجمةٌ، أي: يختلسها (١) بسرعةٍ من الملك، وسقط لأبي ذرٍّ «من (٢) الحقِّ» ولأبوي ذرٍّ والوقت عن الكُشْمِيهَنيِّ: «يحفظها» بحاءٍ مهملةٍ ففاءٍ فظاءٍ معجمة، من الحفظ (٣)، قال الحافظ ابن حجرٍ: والأوَّل هو المعروف (فَيُقَرْقِرُهَا) أي: يردِّدها (فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ) الكاهن حتَّى يفهمها (كَقَرْقَرَةِ الدَُِّجَاجَةِ) بتثليث الدَّال، أي: صوتها إذا قطعته، يقال: قرَّت الدجاجة (٤) تُقِرُّ قرًّا وقريرًا، وقرقرت قرقرةً، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: «الزُّجاجة» بالزَّاي المضمومة، وأنكرها الدَّارقطنيُّ وعدَّها من التَّصحيف، لكن وقع في «باب ذكر الملائكة» من «كتاب بدء الخلق» [خ¦٣٢٨٨] «فيقرُّها في أذنه كما تُقَرُّ القارورة» أي: كما يسمع صوت الزُّجاجة إذا حُكَّت على شيءٍ أو أُلقِي فيها شيءٌ، وقال القابسيُّ (٥): المعنى: أنَّه يكون لِمَا يُلقيه الجنِّيُّ إلى الكاهن حسٌّ كحسِّ القارورة إذا حُرِّكت باليد أو على الصَّفا، وقال الطِّيبيُّ: «قرَّ الدَّجاجة (٦)» مفعولٌ مطلقٌ، وفيه معنى التَّشبيه، فكما يصحُّ أن يشبَّه إيراد ما اختطفه من الكلام في أذن الكاهن بصبِّ الماء في القارورة؛ يصحُّ أن يُشبَّه ترديد الكلام في أذنه بترديد الدَّجاجة (٧) صوتها في أذن صواحباتها، وباب التَّشبيه واسعٌ لا يفتقر إلى العلاقة، على أنَّ الاختطاف مستعارٌ للكلام من فعل الطَّير كما قال تعالى: ﴿فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾ [الحج: ٣١] فيكون ذكر الدَّجاجة هنا أنسب من ذكر الزُّجاجة؛ لحصول التَّرشيح في الاستعارة (فَيَخْلِطُونَ) أي: الأولياء، وجُمِع بعد الإفراد نظرًا إلى الجنس (فِي) المخطوف (أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ كَذْبَةٍ) بسكون المعجمة وفتح الكاف، وحُكِيَ الكسر، وأنكره بعضهم؛ لأنَّه بمعنى الهيئة والحالة، وليس هذا موضعه.

ومطابقته للتَّرجمة من حيث مشابهة الكاهن بالمنافق من جهة أنَّه لا ينتفع بالكلمة الصَّادقة


(١) في (د): «يختطفها».
(٢) «من»: ليس في (د).
(٣) في (ص): «الحافظ».
(٤) «الدجاجة»: مثبتٌ من (ع).
(٥) في (ع): «السفاقسي»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (١٠/ ٢٣١).
(٦) في غير (ب) و (س): «الزُّجاجة»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٧) في (ص): «الزجاجة»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>