للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على حذف مضافٍ، أي: ذوات القسط، وَ ﴿الْمَوَازِينَ﴾ جمع ميزانٍ، وجاء ذكرها في القرآن بلفظ الجمع، وفي السُّنَّة به وبالإفراد، فجوَّز بعضهم لمَّا أشكل عليه الجمع في الآية أن يكون ثَمَّ موازين للعامل الواحد يوزن بكلِّ ميزانٍ منها صنفٌ واحدٌ من أعماله، قال الشَّاعر:

ملكٌ تقومُ الحادثاتُ لأجلهِ … فلكلِّ حادثةٍ لها ميزانُ

والذي عليه الأكثرون أنَّه ميزانٌ واحدٌ، عبَّر عنه بلفظ الجمع للتَّفخيم كقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥] وإنَّما هو رسولٌ واحدٌ، أو الجمع باعتبار العباد وأنواع الموزونات، أي: ونضع الموازين العادلات (﴿لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأنبياء: ٤٧]) وثبت قوله: «ليوم القيامة» لأبي ذرٍّ، وسقط لغيره، واللَّام بمعنى: «في» وإليه ذهب ابن قتيبة وابن مالكٍ، وهو رأي الكوفيِّين، ومنه عندهم: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ﴾ [الأعراف: ١٨٧] أو هي للتَّعليل، ولكن على حذف مضافٍ، أي: لحساب يوم القيامة، أو بمعنى: «عند» كقوله: جئتك لخمسٍ خلون من الشَّهر، وقول النَّابغة:

تَوهَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُها … لستَّةِ أَعْوَامٍ وذا العَامُ سَابِعُ

(وَأَنَّ) بفتح الهمزة وقد تُكسَر (أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَقَوْلَهُمْ يُوزَنُ) بالإفراد، وللقابسيِّ: «وأقوالهم (١) تُوزَن» بميزانٍ له لسانٌ وكفَّتان خلافًا للمعتزلة المنكرين لذلك إلَّا أنَّ منهم من أحاله عقلًا، ومنهم من جوَّزه ولم يحكم بثبوته كالعلَّاف وابن المعتمر، واحتجُّوا: بأنَّ الأعمال أعراضٌ وقد عدمت، فلا يمكن إعادتها، وإذا (٢) أمكن إعادتها يستحيل وزنها؛ إذ لا تقوم بأنفسها فلا توصف بخفَّةٍ ولا ثقلٍ، والقرآن يردُّ عليهم، قال الله تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾ [الأعراف: ٨] أي: وزن الأعمال يومئذٍ الحقُّ ﴿فَأَمَّا مَن (٣) ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ [القارعة: ٦ - ٧] سلَّمنا أنَّ الأعراض لا تُوصَف بخفَّةٍ ولا ثقلٍ، لكن لمَّا ورد الدَّليل على ثبوت الميزان والوزن كالحساب والصِّراط وجب علينا اعتقاده، وإن عجزت عقولنا عن إدراك بعضٍ، فنَكِلُ علمه إلى الله تعالى ولا نشتغل بكيفيَّته، والعمدة في إثباتها عند أهل الحقِّ أنَّها


(١) في (ص): «وأعمالهم»
(٢) في غير (د) و (س): «وإن».
(٣) في (د) و (س): «الحقُّ فمن»، ولا يستقيم مع تمام الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>