للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) : (أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ) أختها (أَسْمَاءَ) ذات النِّطاقين (قِلَادَةً) بكسر القاف (فَهَلَكَتْ) أي: ضاعت (فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ رَجُلًا) هو أُسَيْد بن حُضَيْرٍ (فَوَجَدَهَا) أي: القلادة، ولا منافاة بينه وبين قوله في الرِّواية السَّابقة [خ¦٣٣٤]: «فأصبنا العقد تحت البعير» لأنَّ لفظ «أصبنا» عامٌّ شاملٌ لعائشة وللرَّجل، فإذا وجد الرَّجل بعد رجوعه صدق قوله: «أصبنا»، أو أنَّ النَّبيَّ هو الذي وجده بعد ما بعث (فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا) أي: بغير وضوءٍ، كما صرَّح به في «مسلم» كالبخاريِّ في «سورة النساء» في «فضل عائشة» [خ¦٤٥٨٣] واستدلَّ بهعلى أنَّ فاقد الطَّهورين يصلِّي على حاله، وهو وجه المُطابَقة بين التَّرجمة والحديث، فكأنَّ المصنِّف نزَّل فَقْدَ مشروعيَّة التَّيمُّم منزلة فَقْدِ التُّراب بعد مشروعيَّة التَّيمُّم، فكأنَّه يقول: حكمهم في عدم المطهِّر الذي هو الماء خاصَّةً كحكمنا في عدم المطهِّرين (١) الماء والتُّراب، ففيه دليلٌ على وجوب الصَّلاة لفاقد الطَّهورين؛ لأنَّهم صلَّوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانتِ الصَّلاة حينئذٍ ممنوعةً لأنكر عليهمُ الشَّارع ، وبهذا قال الشَّافعيُّ وأحمد وجمهور المحدِّثين وأكثر أصحاب مالكٍ، لكنِ اختلفوا في وجوب الإعادة، فنصَّ الشَّافعيُّ في الجديد: على وجوبها، إذا وجد أحد الطَّهورين، وصحَّحه أكثر أصحابه محتجِّينبأنَّه عذرٌ نادرٌ، فلم تسقط الإعادة، وفي القديم أقوالٌ: أحدها: يُندَب له الفعل، والثَّاني: يحرم ويعيد وجوبًا عليهما، والثَّالث: يجب ولا يعيد، حكاه في «أصل الرَّوضة»، واختاره في «شرح المُهذَّب» لأنَّه أدَّى وظيفة الوقت، وإنَّما يجب القضاء بأمرٍ جديدٍ، ولم يثبت فيه شيءٌ وهو المشهور عن أحمد، وبه قال المزنيُّ وسحنون وابن المنذر لحديث الباب؛ إذ لو كانت واجبةً لبيَّنها لهم النَّبيُّ ؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وأُجيببأنَّ الإعادة ليست على الفور، ويجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، وقال مالكٌ وأبو حنيفة: تحرم الصَّلاة لكونه محدثًا وتجب الإعادة، لكنَّ الذي شَهَّرَه الشَّيخ (٢) خليلٌ من المالكيَّة: سقوط الأداء في الوقت، وسقوط قضائها (٣) بعد خروجه (فَشَكَوْا ذَلِكَ) بفتح


(١) في (د): «الطَّهورين».
(٢) «الشَّيخ»: ليس في (ص).
(٣) في (ص): «أدائها».

<<  <  ج: ص:  >  >>