للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البرود، والمراد: ستر العورة، وهو عند الحنفيَّة والشَّافعيَّة -كعامَّة الفقهاء وأهل الحديث - شرطٌ في صحَّة الصَّلاة. نعم الحنفيَّة لا يشترطون السَّتر عن نفسه (١)، فلو كان محلولَ الجيب فنظر إلى عورته لا تفسد صلاته، وقال بهرام من المالكيَّة: اختُلِف هل ستر العورة شرطٌ في الصَّلاة أم لا؟ فعند ابن عطاء الله: أنَّه (٢) شرطٌ فيها، ومن واجباتها مع العلم والقدرة، على المعروف من المذهب، وفي «القبس» المشهور: أنَّه ليس من شروطها، وقال التُّونسيُّ (٣): هو فرضٌ في نفسه لا من فروضها، وقال إسماعيل وابن بُكَيْرٍ والشَّيخ أبو بكرٍ: هو من سُننها، وفي «تهذيب المطالب»، و «المقدِّمات»، و «تبصرة ابن محرزٍ»: اختُلِف هل ذلك فرضٌ أو سُنَّةٌ؟ انتهى.

(وَ) بيان معنى (قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) وللأَصيليِّ (٤) وابن عساكر: «﷿»: (﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ﴾) أي: ثيابكم لمواراة عوراتكم (﴿عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]) لطوافٍ أو صلاةٍ، وفيه دليلٌ على وجوب ستر العورة في الصَّلاة، ففي الأوَّل: إطلاق اسم الحالِّ على المحلِّ، وفي الثَّاني: إطلاق اسم (٥) المحلِّ على الحالِّ، بوجود الاتِّصال الذَّاتيِّ بين الحالِّ والمحلِّ، وهذا لأنَّ أخذ الزِّينة نفسِها -وهي عرضٌ- مُحالٌ (٦)، فأُرِيد محلُّها، وهو الثَّوب مجازًا، لا يُقال: سبب نزولها: أنَّهم كانوا يطوفون عُراةً، ويقولون: لا نعبد الله في ثيابٍ أذنبنا فيها، فنزلت؛ لأنَّ العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السَّبب، وهذا عامٌّ لأنَّه قال: ﴿عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ ولم يقل: المسجد الحرام (٧)، فيُؤخَذ بعمومه (وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) كذا ثبت للمُستملي وحده قوله:


(١) انظر آخر شرح الحديث (٣٥١).
(٢) في غير (ب) و (س): «أنها».
(٣) في (ص): «التَّنوسيُّ»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (د): «وعند الأصيلي».
(٥) «اسم»: ليس في (ص).
(٦) في (د): «حالٌّ».
(٧) «المسجد الحرام»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>