للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحينئذٍ يتعيَّن تنوين بابٍ، بتقدير: هذا بابٌ، ورفع «قبلة أهل المدينة» على الابتداء، وجرُّ «أهل» عطفًا على المضاف إليه، وكذا «المشرق» و «المغرب» عطفًا على المجرور، وخبر المبتدأ قوله: «ليس في المشرق»، لكن بتأويل «قبلة» بلفظِ مُستقبَلٍ لأنَّ التَّطابق في التَّذكير والتَّأنيث بين المبتدأ والخبر واجبٌ، والمشرقِ بالتَّشريق والمغرب بالتَّغريب، أي: هذا بابٌ -بالتَّنوين- مُستقبَل (١) أهل المدينة وأهل الشَّام ليس في التَّشريق ولا في التَّغريب منه (٢)، وقد سقطت التَّاء من «ليس»، فلا تطابق بينه وبين قبلةٍ، فلذا أُوِّل بمُستقبَل ليتطابقا تذكيرًا، وحكى الزَّركشيُّ ضمَّ قاف «مشرقٍ» للأكثرين عن عياضٍ، عطفًا على باب، أي: وباب حكم المشرق، ثمَّ حذف من الثَّاني «باب» و «حكم»، وأُقِيم المشرق مقام الأوَّل، وصوَّبه الزَّركشيُّ لِمَا في الكسر من إشكالٍ وهو إثبات قبلةٍ لهم، أي: لأهل المشرق، وتعقَّبه الدَّمامينيُّ فقال: إثبات قبلةٍ لأهل المشرق في الجملة لا إشكال فيه لأنَّهم لا بدَّ لهم أن يصلُّوا إلى الكعبة، فلهم قبلةٌ يستقبلونها قطعًا، إنَّما الإشكال لو جُعِل المشرق نفسه قبلةً مع استدبار الكعبة، وليس في جرِّ المشرق ما يقتضي أن يكون المشرق (٣) نفسه قبلةً، وكيف يُتوهَّم هذا والمؤلِّف قد ألصق بهذا الكلام قوله: ليس في المشرق ولا في المغرب قبلةٌ، ثمَّ إنَّ ما وُجِّه به الرَّفع يمكن أن يُوجَّه به الكسر، وذلك بأن يكون المشرق معطوفًا على ما أُضيف إليه الباب، وهو «قبلةٌ» لا على المدينة ولا على الشَّام، فكأنَّه قال: باب حكم قبلة أهل المدينة وحكم المشرق، ولا إشكال البتَّة. انتهى. ومراده بالمشرق والمغرب -كما مرَّ- اللَّذان (٤) من ناحية المدينة والشَّام بخلاف مشرق مكّة ومغربها، وكلِّ البلاد الَّتي تحت الخطِّ المارِّ عليها من مشرقها إلى مغربها، فإنَّها


(١) قوله: «لأنَّ التَّطابق في التَّذكير والتَّأنيث بين المبتدأ والخبر واجبٌ، والمشرق بالتَّشريق والمغرب بالتَّغريب؛ أي: هذا بابٌ -بالتَّنوين- مُستقبَل» سقط من (م).
(٢) «منه»: مثبتٌ من (م).
(٣) زيد في (م): «والمشرق».
(٤) في غير (ب) و (س): «اللَّذين».

<<  <  ج: ص:  >  >>