للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«لعن الله اليهود والنَّصارى»، وتعقيبه بقوله: «اتَّخذوا» ويأتي الجواب عن ذلك في موضعه -إن شاء الله تعالى- (وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي القُبُورِ) سواءٌ كانت عليها أو إليها أو بينها والجملة عطفٌ على: «هل تُنبَش» أي: بابٌ في حكم الأمرين: اتِّخاذ المساجد مكان القبور، واتِّخاذها بينها (١)، فإن قلت: كيف عطف هذه الجملة الخبريَّة على جملة الاستفهام الطَّلبيَّة؟ أُجيب بأنَّ جملة الاستفهام التَّقريريِّ في حكم الخبريَّة.

(وَرَأَى عُمَرُ) أي: «ابن الخطَّاب » كما في رواية الأَصيليِّ (٢) (أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ) (يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: القَبْرَ القَبْرَ) بالنَّصب فيهما على التَّحذير، محذوف العامل وجوبًا (٣)، أي: اتَّق (٤)، أو اجتنب القبر (وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ) أي: لم يأمر عمر أنسًا بإعادة صلاته (٥) تلك، فدلَّ على الجواز لكن مع الكراهة لكونه صلَّى على نجاسةٍ ولو كان بينهما حائلٌ، وهذا مذهب الشَّافعيَّة، أوْ لا كراهة لكونه صلّى (٦) مع الفرش على النَّجاسة مُطلَقًا، كما قاله القاضي حُسَيْنٌ، وقال ابن الرِّفْعَة: الَّذي دلَّ عليه كلام القاضي أنَّ الكراهة لحرمة الميت، أمَّا لو وقف بين القبور بحيث لا يكون تحته ميتٌ ولا نجاسةٌ فلا كراهة إِلَّا في المنبوشة، فلا تصحُّ الصَّلاة فيها. قال في «التَّوشيح»: ويُستثنَى مقبرة الأنبياء، فلا كراهة فيها لأنَّ الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وأنَّهم (٧) أحياء في قبورهم يصلُّون، ولا يشكل بحديث: «لعن الله اليهود اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» لأنَّ اتِّخاذها مساجد أخصُّ من مُجرَّد (٨) الصَّلاة فيها،


(١) قوله: «والجملة عطفٌ على … مكان القبور، واتِّخاذها بينها» مثبتٌ من (م).
(٢) في (د): «الإسماعيليِّ»، وليس بصحيحٍ.
(٣) «وجوبًا»: ليس في (م).
(٤) زيد في (م): «الله».
(٥) في (ص): «الصَّلاة»، وفي (م): «بالإعادة لصلاته».
(٦) «لكونه صلَّى»: ليس في (د) و (م).
(٧) في (د): «وهم».
(٨) في (م): «تجرُّد»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>