للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المرءِ في بيته إِلَّا المكتوبة» وإنَّما شرع ذلك لكونه أبعد من الرِّياء، ولتنزل الرَّحمة فيه والملائكة، لكن استثنى منه نفل يوم الجمعة قبل صلاتها، فالأفضل كونه في الجامع لفضل البكور، وركعتا الطَّواف والإحرام، وكذا التَّراويح للجماعة، وعن بعضهم -فيما حكاه عياضٌ- أنَّ المعنى: اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدي بكم من لا يخرج إلى المسجد من نسوةٍ وغيرهنَّ، لكن قال النَّوويُّ: لا يجوز حمله على الفريضة (وَلَا تَتَّخِذُوهَا) أي: البيوت (قُبُورًا) أي: كالقبور مهجورةً من الصَّلاة، وهو من التَّشبيه البليغ البديع بحذف حرف التَّشبيه للمبالغة، وهو تشبيه البيت الَّذي لا يُصلَّى فيه بالقبر الَّذي لا يتمكَّن (١) الميت من العبادة فيه، وقد حمل المؤلِّف هذا الحديث على منع الصَّلاة في المقابر، ولهذا (٢) ترجم به، وتُعقِّب بأنَّه ليس فيه تعرُّضٌ لجواز الصَّلاة في المقابر ولا منعها، بل المراد منه: الحثُّ على الصَّلاة في البيت فإنَّ الموتى لا يصلُّون في بيوتهم، وكأنَّه قال: لا تكونوا كالموتى في القبور حيث انقطعت عنهم الأعمال وارتفعت التَّكاليف، ولو أُرِيد ما تأوَّله المؤلِّف لقال: المقابر، وأجيب بأنَّه قد ورد في «مسلمٍ» من حديث أبي هريرة بلفظ: «المقابر»، وتُعقِّب بأنَّه كيف يُقال: حديثٌ يرويه غيره بأنَّه مطابقٌ لما ترجم به؟!

وفي هذا الحديث: التَّحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة، وأخرجه مسلمٌ وابن ماجه، والله أعلم (٣).


(١) في (م): «يمكن».
(٢) في (د): «ولذا».
(٣) «والله أعلم»: مثبتٌ من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>