للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ) بالبناء للفاعل، والنُّون مُشدَّدةٌ للتَّأكيد، و «بابٌ» رُفِع على الفاعليَّة، والنَّهيُ راجعٌ إلى المُكلَّفين (١) لا إلى «الباب» فكنَّى بعدم البقاء عن عدم الإبقاء لأنَّه لازمٌ له، كأنَّه قال (٢): لا يبقيه أحدٌ حتَّى لا يبقى، وفي بعض النُّسخ (٣): «لا يُبقيَنَّ» مبنيًّا للمفعول، فلفظ «بابٌ» نائبٌ عن الفاعل، أي: لا يُبْقِ أحدٌ في المسجد بابًا (إِلَّا) بابًا (سُدَّ) بحذف المُستثنَى المُقدَّر بـ «بابًا»، والفعل صفته، وحينئذٍ فلا يُقال: الفعل وقع مُستثنًى ومُستثنًى منه، ثمَّ استثنى من هذا فقال: (إِلَّا بَابَُ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق ، بنصب «باب» على الاستثناء، أو برفعه على البدل، وفيه دلالةٌ على الخصوصيَّة لأبي بكرٍ الصِّدِّيق بالخلافة بعده والإمامة دون سائر النَّاس، فأبقى خوخته دون خوخة (٤) غيره، وهو يدلُّ على أنَّه يخرج منها إلى المسجد دون غيره (٥) للصَّلاة، كذا قرَّره ابن المُنَيِّر، وعُورِض بما في «التِّرمذيِّ» من حديث ابن عبَّاسٍ : «سدُّوا الأبواب إلَّا باب عليٍّ»، وأُجيب بأنَّ التِّرمذيَّ قال: إنَّه غريبٌ، وقال ابن عساكر: إنَّه وهمٌ، لكن للحديث طرقٌ يقوِّي بعضها بعضًا، بل قال الحافظ ابن حجرٍ في بعضها: إسناده قويٌّ، وفي بعضها: رجاله ثقاتٌ، وفيه: أنَّ المساجد تُصان عن تطرُّق النَّاس إليها في خوخاتٍ ونحوها، إِلَّا من أبوابها إِلَّا لحاجةٍ مهمَّةٍ، وسيكون لنا عودةٌ إن شاء الله تعالى إلى ما (٦) في ذلك من البحث في الفضائل.

وفي الحديث: التَّحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلِّف في «فضل أبي بكرٍ » [خ¦٦٢/ ٣ - ٥٥١٠]، ومسلمٌ في «الفضائل».


(١) في (ص): «للمُكلَّفين».
(٢) «قال»: سقط من (د).
(٣) في غير (د) و (م): «وفي نسخة».
(٤) «خوخة»: سقط من (د) و (م).
(٥) «دون غيره»: مثبتٌ من (د) و (م).
(٦) في (د): «لِما».

<<  <  ج: ص:  >  >>