«بالصَّلاة» للتَّعدية، فالمعنى: أدخلوا الصَّلاة في البرد، وللكُشْمِيْهَنِيِّ:«فأبردوا عن الصَّلاة»، فـ «عن» بمعنى «الباء» كـ ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٩] ورميت عن القوس، أو ضُمِّن «أبردوا» معنى التَّأخير، فعُدِّي بـ «عن» أي: إذا اشتدَّ الحرُّ فتأخَّروا عن الصَّلاة مبردين، أو أبردوا متأخِّرين عنها، وحقيقة التَّضمين: أن يقصد بالفعل معناه الحقيقيَّ مع فعلٍ آخر يناسبه، وقد استُشكِل هذا بأنَّ الفعل المذكور إن كان في معناه الحقيقيِّ فلا دلالة على الفعل الآخر، وإن كان في معنى الفعل الآخر فلا دلالة على معناه الحقيقيِّ، وإن كان فيهما جميعًا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، وأُجيب بأنَّه في معناه الحقيقيِّ، مع حذف حالٍ مأخوذٍ من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللَّفظيَّة، وقد يُعكَس كما مثَّلناه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي: لتكبِّروه حامدين على ما هداكم، أو لتحمدوا الله مكبِّرين على ما هداكم، فإن قيل: صلة المتروك تدلُّ على زيادة القصد إليه، فجعله أصلًا وجعل المذكور حالًا وتبعًا أَوْلى، فالجواب: أنَّ ذكرصلته يدلُّ على اعتباره في الجملة، لا على زيادة القصد إليه إذ لا دلالة بدونه، فينبغي جعل الأوَّل أصلًا والتَّبع حالًا، قاله في «المصابيح»(فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ) أي: من سعة تنفُّس (جَهَنَّمَ) حقيقةً للحديث الآتي -إن شاء الله تعالى-[خ¦٥٣٧]: