للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به، وحديث (١) خبَّابٍ محمولٌ على أنَّهم طلبوا زائدًا على قدر الإبراد لأنَّه بحيث يحصل للحيطان ظلٌّ يُمشى فيه. (وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا) شكايةً حقيقيَّةً (٢) بلسان المقال بحياةٍ يخلقها الله تعالى فيها، قاله عياضٌ، وتعقَّبه الأُبِّيُّ بأنَّه لا بدَّ من خلق إدراكٍ مع الحياة. انتهى. لكن قال الأستاذ أبو الوليد الطَّرطوشيُّ (٣) فيما نقله في «المصابيح»: وإذا قلنا بأنَّها حقيقيَّةٌ (٤) فلا يحتاج إلى أكثر من وجود الكلام في الجسم، أمَّا في محاجَّة النَّار فلا بدَّ من وجود العلم مع الكلام؛ لأنَّ المحاجَّة تقتضي التَّفطُّن لوجه الدَّلالة، أو هي مجازيَّةٌ عرفيَّةٌ بلسان الحال عن لسان المقال كقوله:

شكا إليَّ جملي طول السُّرَى

وقرَّر (٥) البيضاويُّ ذلك فقال: «شكواها» مجازٌ عن غليانها، وأكل (٦) بعضها بعضًا، أو مجازٌ عن ازدحام أجزائها، وتنفُّسها مجازٌ عن خروج ما يبرز منها، وصوَّب النَّوويُّ حملها على الحقيقة، وقال ابن المُنَيِّر: هو المختار، وقد ورد مُخاطَبتها للرَّسول وللمؤمنين بقولها (٧): «جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي» ويضعف حمل ذلك على المجاز قوله: (فَقَالَتْ: يَا رَبِّ) وللأربعة: «فقالت: ربِّ» (أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا) ربُّها تعالى (بِنَفَسَيْنِ) تثنية نَفَسٍ بفتح الفاء، وهو ما يخرج من الجوف ويدخل فيه من الهواء (نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ) بجرِّ «نَفَسٍ» في الموضعين على البدل أو البيان، ويجوز رفعهما بتقدير «أحدهما»،


(١) في (ب) و (س): «أو حديث»، ولعلها من تصحيحات القائمين على الطباعة، فهي الأنسب.
(٢) في (ص) و (م): «حقيقة».
(٣) في (د): «الطَّرطوسيُّ»، وهو تصحيفٌ.
(٤) في (د): «حقيقة».
(٥) في (ص): «قدَّر».
(٦) في غير (ب) و (س): «أكلها».
(٧) في (ص): «تقول».

<<  <  ج: ص:  >  >>