للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المراد في الآية ليصحَّ أن يترتَّب عليه قوله: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: ٢٣١] إذ لا إمساك بعد انقضاء الأجل، وحينئذٍ فليس المراد من (١) الحديث ظاهره؛ وهو الإعلام بظهور الفجر، بل التَّحذير من طلوعه والتَّحضيض له على النِّداء خيفة ظهوره، وإلَّا لزِم جواز الأكل بعد طلوع الفجر لأنَّه جعل أذانه غايةً للأكل، نعم يعكِّر عليه قوله: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ» فإنَّ فيه إشعارًا بأنَّ ابن أمِّ مكتومٍ بخلافه، وأيضًا وقع عند المؤلِّف في «الصِّيام» [خ¦١٩١٨] من قوله : «حتَّى يؤذِّن ابن أمِّ مكتومٍ» فإنَّه لا يؤذِّن حتَّى يطلع الفجر، وأُجيب بأنَّ أذانه جُعِل علامةً لتحريم الأكل، وكأنَّه كان له من يراعي الوقت بحيث يكون أذانه مقارنًا لابتداء طلوع الفجر، وفي هذا الحديث مشروعيَّة الأذان قبل الوقت في الصُّبح، وهل يكتفي به عن الأذان بعد الفجر أم لا؟ ذهب إلى الأوَّل الشَّافعيُّ ومالكٌ وأحمدُ وأصحابهم، وروى الشَّافعيُّ في القديم عن عمر بن الخطَّاب أنَّه قال: «عجِّلوا الأذان بالصُّبح، يُدْلِجُ المُدْلِج وتَخْرُج العاهرة» وصحَّح في «الرَّوضة» أنَّ وقته من أوَّل نصف اللَّيل الآخر لأنَّ صلاته تدرك النَّاس وهم نيامٌ، فيحتاجون إلى التَّأهُّب لها، وهذا مذهب أبي يوسف وابن حبيبٍ من المالكيَّة، لكن يعكِّر على هذا قول القاسم بن (٢) محمَّدٍ المرْويُّ (٣) عند المؤلِّف في «الصِّيام» [خ¦١٩١٨]: «لم يكن بين أذانهما -أي: بلالٌ وابن أمِّ مكتومٍ- إِلَّا أن يرقى ذا وينزل ذا» وهو مرويٌّ عند النَّسائيِّ


(١) في (د): «في».
(٢) «ابن»: سقط من (ب).
(٣) في (د): «المروزيُّ»، ولعلَّه تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>