للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليها، وذكر الإقامة تنبيهًا على غيرها؛ لأنَّه إذا نهى عن إتيانها مسرعًا في حال الإقامة مع خوف فوت بعضها فما قبلها أَوْلى (وَلَا تُسْرِعُوا) بالأقدام، ولو خفتم فوات تكبيرة الإحرام أو غيرها، ولو فاتت (١) الجماعة بالكلِّيَّة فإنَّكم في حكم المصلِّين المخاطبين بالخشوع والإجلال والخضوع، فالمقصود من الصَّلاة حاصلٌ لكم وإن لم تدركوا منها شيئًا، والأعمال بالنِّيَّات، وعدم الإسراع مستلزمٌ لكثرة الخطا، وهو معنًى مقصودٌ بالذَّات وردت فيه أحاديث صحيحاتٌ، وفي «مسلمٍ»: «فإنَّ أحدكم إذا كان يعمد إلى الصَّلاة فهو في صلاةٍ» ففيه إشارةٌ -كما مرَّ- أن يتأدَّب بآداب الصَّلاة، فإن قلت: إنَّ الأمر بالسَّكينة معارَضٌ بقوله تعالى في الجمعة: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾ [الجمعة: ٩] أجيب بأنَّه ليس المراد من الآية الإسراع، بل المراد الذَّهاب، أو هو بمعنى العمل والقصد؛ كما تقول: سعيت في أمري. (فَمَا أَدْرَكْتُمْ) أي: إذا فعلتم ما أمرتكم به من السَّكينة والوقار وعدم الإسراع فما أدركتم مع الإمام من الصَّلاة (فَصَلُّوا) معه، وقد حصلت فضيلة الجماعة بالجزء المُدرَك منها (وَمَا فَاتَكُمْ) منها (فَأَتِمُّوا) أي: أكملوه وحدكم، كذا (٢) في أكثر الرِّوايات بلفظ: «فأتمُّوا»، وفي بعضها: «فاقضوا» والأوَّل هو الصَّحيح في رواية الزُّهريِّ، ورواه ابن عيينة بالثَّاني، وبه استدلَّ الحنفيَّة بأنَّ ما أدرك (٣) المأموم مع الإمام هو آخر صلاته، فيُستَحبُّ له الجهر في الرَّكعتين الأخيرتين، وقراءة السُّورة مع الفاتحة، وبالأوَّل أخذ (٤) الشَّافعيَّة على أنَّها أوَّلها، لكنَّه (٥) يقضي بمثل (٦) الَّذي فاته من قراءة السُّورة مع الفاتحة في الرُّباعيَّة (٧)، ولم يستحبُّوا


(١) في (د): «فوات».
(٢) في (م): «كما».
(٣) في (د): «أدركه».
(٤) «أخذ»: ليس في (د).
(٥) في (م): «لكن».
(٦) في (د) و (م): «مثل».
(٧) نصَّ الشافعية على أنه يقرأ الفاتحة فقط في الركعة الثالثة والرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>