للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحارث بن هشام بن المغيرة القرشيِّ المخزوميِّ المدنيِّ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان (السَّمَّانِ) كان يجلبه كالزَّيت للكوفة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) (أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ) بالميم، وأصله: «بين» (١) فأُشبِعت فتحة النُّون فصارت ألفًا وزيدت الميم، ظرف زمانٍ مضافٌ إلى جملةٍ من فعلٍ وفاعلٍ، أو مبتدأٌ وخبرٌ، وهو هنا «رجلٌ» النَّكرة المُخصَّصة بالصِّفة، وهي قوله: (يَمْشِي بِطَرِيقٍ) أي: فيها، وخبر المبتدأ قوله: (وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ)


(١) قال السندي في «حاشيته»: بينما ظرف يُضاف إلى جملة، ورجل مبتدأ خبره جملة يمشي بطريق، والجملة مضاف إليها للظَّرف، والعاملُ في الظَّرف «وجد غصنَ شوكٍ»، والأفعال الثَّلاثة بعده معطوفة عليه، والظَّرف إذا أُضيف إلى الجملة يكون في الحقيقةِ مضافًا إلى مضمونِ الجملة، وهو هنا: مشى رجل في الطريق، ولا يخفى أنَّ «بين» يقتضي التَّعدد في المضاف إليه، ولا تعدُّد ههنا فيقدَّر مضاف يحصلُ به التَّعدد وهو الأوقاتُ فيصير التَّقدير: بين أوقات مشى رجل في الطَّريق وجدَ ذلك الرَّجل غصنَ شوكٍ … إلى آخره، والله تعالى أعلم.
والابتداء بالنَّكرة إمَّا لأنَّ المدار على الإفادة، والظَّاهر أنَّ من يشترط التَّخصيص في النَّكرة عند وقوعها مبتدأ إنَّما يشترطه فيها عند كونها في جملة تابعة لجملة أخرى هي المقصودةُ بالإفادة كما ههنا يدلُّ عليه تعليلاتهم، ولو سلم اشتراط التَّخصيص في النَّكرة مطلقًا، فالظَّاهر أنَّ ههنا يقدر الصِّفة؛ أي: رجل مذنبٌ، بقرينة المغفرة على أنَّهم عدوا «إذا» التي للمفاجأة من المسوِّغات نصَّ عليه البعض، والله تعالى أعلم.
وأمَّا قول القسطلاني رحمه الله تعالى: إنَّ قوله: «يمشي بطريق» صفة «رجل» وخبره «وجد غصن شوك» والجملة مضاف إليها للظرف، فعجيب إذ لا يتمُّ الكلام حينئذٍ أصلًا إذ يصير تمام الحديث كلمة «بين» مع ما أُضيف إليه من الجملة، ولا يتمُّ الكلام من المضاف والمضاف إليه، ولا يبقى للظَّرف عامل أصلًا اللَّهم إلَّا أن يقال: «فأخَّره» عامل في الظَّرف وليس بمعطوف على قوله: «وجد» وهذا ممَّا تأبى عنه الفاء وشهادة الذَّوق، فافهم، والله تعالى أعلم. انتهى. وأورد نحوه مختصرًا العلامة ابن العجمي في حاشيته على (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>