للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللأربعة: «من (١) نابه» أي: أصابه (شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ) أي: فليقل: سبحان الله، كما في رواية يعقوب بن أبي حازم (فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ التُفِتَ إِلَيْهِ) بضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة مبنيًّا للمفعول (وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ) زاد الحُميديُّ: «والتسبيح للرِّجال»، وبهذا قال مالكٌ، والشَّافعي وأحمد وأبو يوسف والجمهور، وقال أبو حنيفة ومحمَّدٌ: متى أتى بالذِّكر جوابًا بطلت صلاته، وإن قصد به الإعلام بأنَّه في الصَّلاة لم تبطل، فحملا التَّسبيح المذكور على قصد الإعلام بأنَّه في الصَّلاة، وحملا قوله: «من نابه» على نائبٍ مخصوصٍ وهو إرادة الإعلام بأنَّه في الصَّلاة، والأصل عدمُ هذا التَّخصيص لأنَّه عامٌّ؛ لكونه (٢) في سياق الشَّرط فيتناول كلًّا منهما، فالحمل على أحدهما من غير دليلٍ لا يُصَار إليه، لا سيَّما الَّتي هي سبب الحديث، لم يكن القصد فيها إِلَّا تنبيه الصِّدِّيق على حضوره ، فأرشدهم صلوات الله عليه وسلامه إلى أنَّه كان حقُّهم عند هذا النَّائب التَّسبيح، ولو خالف الرَّجل المشروع في حقِّه وصفَّق لم تبطل صلاته لأنَّ الصَّحابة صفَّقوا في صلاتهم (٣) ولم يأمرهم النَّبيُّ بالإعادة، لكن ينبغي أن يقيَّدَ بالقليل، فلو فعل ذلك ثلاث مرات متواليات بطُلَت صلاته لأنَّه ليس مأذونًا فيه، وأمَّا قوله : «ما لي رأيتكم أكثرتم التَّصفيق؟» مع كونه لم يأمرهم بالإعادة فلأنَّهم لم يكونوا علموا امتناعه، وقد لا يكون حينئذٍ ممتنعًا، أو أراد (٤) إكثار التَّصفيق من مجموعهم، ولا يضرُّ ذلك إذا كان كلُّ واحدٍ منهم لم يفعله ثلاثًا.

واستُنبِطَ منه أنَّ التَّابع إذا أمره المتبُوعُ بشيءٍ يُفهَمُ منه إكرامه به لأنَّه (٥) لا يتحتَّم عليه، ولا يكون تركه مخالفةً للأمر، بل أدبًا وتحرِّيًا (٦) في فهم المقاصد، وبقيَّة ما يُستنبَط منه يأتي -إن شاء الله تعالى- في محالِّه، ورواته الأربعة ما بين تنِّيسيٍّ ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث والإخبار


(١) «من»: مثبتٌ من (ص).
(٢) في (ص): «لأنَّه».
(٣) في (ص): «الصَّلاة».
(٤) في (د): «المراد».
(٥) «لأنَّه»: مثبتٌ من (م).
(٦) في (م): «تحرُّمًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>