للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا من المجاز لأنَّ حقيقة المباعدة إنَّما هي في الزَّمان والمكان، أي: امحُ ما حصل من خطاياي، وحُلْ بيني وبين ما يُخاف من وقوعه، حتَّى لا يبقى لها منِّي اقترابٌ بالكليَّة. وهذا الدُّعاء صدر منه على سبيل المبالغة في إظهار العبوديَّة، وقِيلَ: إنَّه على سبيل التَّعليم لأمَّته، وعُورِض بكونه لو أراد ذلك لجهر به، وأُجيب بورود الأمر بذلك في حديث سَمُرَة عند البزَّار، وأعاد لفظ: «بين» هنا، ولم يقل: وبين المغرب لأنَّ العطف على الضَّمير المخفوض يُعاد معه العامل بخلاف الظَّاهر، كذا قرَّره الكِرمانيُّ، لكن يَرِدُ عليه قوله: بين التَّكبير وبين القراءة (اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ) أي: الوسخ، وقاف «نقِّني» بالتَّشديد في الموضعين، وهذا مجازٌ عن إزالة الذُّنوب ومحو أثرها، وشُبِّه بـ «الثَّوب الأبيض» لأنَّ الدَّنس فيه أظهرُ من غيره من الألوان (اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ) بالمُثلَّثة وسكون اللَّام، وفي «اليونينيَّة» بفتحها (وَالبَرَدِ) بفتح الرَّاء، وذكر الأخيرين بعد الأوَّل للتَّأكيد، أو (١) لأنَّهما ماءان لم تمسَّهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، قاله (٢) الخطَّابيُّ. واستدلَّ بالحديث على مشروعيَّة دعاء الافتتاح بعد التَّحرُّم (٣) بالفرض أو النَّفل خلافًا للمشهور عن مالكٍ، وفي «مسلمٍ» حديث عليٍّ: «وجَّهت


(١) في (د) و (م): «و».
(٢) في (ص): «قال»، وليس بصحيحٍ.
(٣) في (د): «التَّحريم».

<<  <  ج: ص:  >  >>