للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا) أي: فيما نسبني إليه (قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً) ليراه النَّاس ويسمعوه، فيُشْهِروا ذلك عنه ليُذكَر به، وعلَّق الدُّعاء بشرط كذبه، أو كون (١) الحامل له على ذلك الغرضُ الدُّنيويُّ، فراعى الإنصاف والعدل (فَأَطِلْ عُمْرَهُ) في «اليونينيَّة» بسكون الميم، أي: عمره؛ بحيث يُرَدُّ إلى أسفل سافلين، ويصير إلى أرذل العمر، وتَضْعُف (٢) قواه ويتنكَّس في الخلق، فهو دعاءٌ عليه لا له (وَأَطِلْ فَقْرَهُ) وفي نسخةٍ: «وأقلل رزقه» (٣)، وفي رواية جريرٍ: «وشدِّد فقره» وفي رواية سيفٍ: «وأَكْثِرْ عيالَه» وهذه الحالة بئستِ الحالةُ، وهي طول العمر مع الفقر وكثرة العيال، نسأل (٤) الله العفو والعافية (وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ) بالمُوحَّدة، وفي نسخةٍ: «للفتن» أي: اجعله عرضةً لها، وإنَّما ساغ لسعدٍ أن يدعوَ على أخيه المسلم بذلك (٥) لأنَّه ظلمه بالافتراء عليه، فإن قلت: إنَّ الدُّعاء بمثل هذا يستلزم تمنِّي المسلم (٦) وقوع المسلم في المعاصي، أُجيب بأنَّ ذلك جائزٌ من حيث كون ذلك (٧) يؤدِّي إلى نكاية الظَّالم وعقوبته كتَمَنِّي الشَّهادة المشروع، وإن كان حاصله تمنِّي قتل الكافر للمسلم، وهو معصيةٌ، ووهنٌ في الدِّين، ولكنَّ الغرض من تمنِّي الشَّهادة ثوابها لا نفسها (٨)، وقد وُجِد ذلك في دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقول نوحٍ: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ [نوح: ٢٤] وإنَّما ثلَّث عليه الدَّعوة لأنَّه ثلَّث في نفي


(١) في (د): «لكون».
(٢) في (د): «يضعف»، وفي (ص): «لضعف».
(٣) «وفي نسخةٍ: وأقلل رزقه»: ليس في (ص) و (م).
(٤) في (د): «فنسأل».
(٥) في غير (ص) و (م): «بهذه الدَّعوات».
(٦) «المسلم»: ليس في (ص) و (م).
(٧) زيد في (م): «جائز»، وهو تكرارٌ.
(٨) في (د): «لنفسه».

<<  <  ج: ص:  >  >>