للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّلاة، والأصل عدم وجوب الزِّيادة على المرَّة الواحدة، نعم يدلُّ للقائلين بوجوبها في كلِّ ركعةٍ -وهم الجمهور- قوله : «وافعل ذلك في صلاتك كلِّها» بعد أن أمره بالقراءة، وقوله في حديث أحمد وابن حبَّان: «ثمَّ افعل ذلك في كلِّ ركعةٍ»، ولم يفرضها الحنفيَّة لإطلاق قوله تعالى: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠] فتجوز الصَّلاة بأيِّ قراءةٍ كانت، قالوا: والزِّيادة على النَّصِّ تكون نسخًا لإطلاقه، وذا غيرُ جائزٍ، ولا يجوز أن يُجعَل بيانًا للآية لأنَّه لا إجمال فيها؛ إذ المُجمَل ما يتعذَّر العمل به قبل البيان، والآية ليست كذلك، وتعيين (١) الفاتحة إنَّما ثبت بالحديث، فيكون واجبًا يأثم تاركه وتجزئ الصَّلاة بدونه.

والفرض: آيةٌ قصيرةٌ عند أبي حنيفة كـ ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٦٤] وقال صاحباه: آيةٌ طويلةٌ أو ثلاث آياتٍ قصارٍ، وتتعيَّن ركعتان لفرض القراءة لقوله : «القراءة في الأوليين قراءةٌ في الأخريين»، وتُسَنُّ في الأخريين (٢) الفاتحة خاصَّةً، وإن سبَّح فيهما أو سكت جاز لعدم فرضيَّة القراءة فيهما.

لنا قوله : «لا تجزئ صلاةٌ لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» رواه الإسماعيليُّ بسند حديث الباب من طريق العبَّاس بن الوليد النَّرْسِيِّ، أحد شيوخ البخاريِّ، وقوله : «لا صلاة إِلَّا بقراءة فاتحة الكتاب» رواه ابن خزيمة.

واستدلَّ من أسقطها عن المأموم مطلقًا -كالحنفيَّة- بحديث: «من صلَّى خلف إمامٍ فقراءة الإمام له قراءةٌ». قال في «الفتح»: وهو حديثٌ ضعيفٌ عند الحفَّاظ، واستدلَّ من أسقطها عنه في الجهريَّة -كالمالكيَّة- بحديث: «فإذا قرأ فأنصتوا» رواه مسلمٌ، ولا دلالة فيه لإمكان الجمع


(١) في (د): «وتعيُّن».
(٢) في (د): «الأخيرتين».

<<  <  ج: ص:  >  >>