للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كاملةٌ لأنَّ من سنَّة الصَّلاة مع الإمام اتِّصالَ الصُّفوف وسدَّ الفُرَج، وقد روى البيهقيُّ من طريق مغيرة عن إبراهيم، فيمن صلَّى خلف الصَّفِّ وحده، فقال: «صلاته تامَّةٌ» (١)، أو المراد: لا تَعُدْ إلى أن تسعى إلى الصَّلاة سعيًا بحيث يضيق عليك النَّفَس لحديث الطَّبرانيِّ: «أنَّه دخل المسجد وقد أُقيمت الصَّلاة، فانطلق يسعى»، وللطَّحاويِّ: «وقد حَفَزَهُ النَّفَس»، أو المراد: لا تَعُدْ تمشي وأنت راكعٌ إلى الصَّفِّ لرواية حمَّادٍ عند الطَّبرانيِّ: فلمَّا انصرف قال: «أيُّكم دخل الصَّفَّ وهو راكعٌ؟»، ولأبي داود: «أيُّكم الَّذي ركع دون الصَّفِّ، ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ؟» فقال أبو بكرة: أنا. وهذا وإن لم يفسد الصَّلاة لكونه خَطوةً أو خَطوتين، لكنَّه مثَّل بنفسه في مشيه راكعًا لأنَّها كمشية البهائم، فإن قلت: أوَّل الكلام يُفْهِم تصويب الفعل، وآخره تخطئته، أجاب ابن المُنَيِّر ممَّا نقله عنه في «المصابيح» وأقرَّه بأنَّه صوِّب من فعله الجهة العامَّة، وهي الحرص على إدراك فضيلة الجماعة، فدعا له بالزِّيادة منه، وردَّ عليه الحرص الخاصَّ حين (٢) ركع منفردًا، فنهاه عنه، فينصرف حرصه بعد إجابة الدَّعوة فيه إلى المبادرة إلى المسجد أوَّل الوقت. انتهى. قال في «فتح الباري»: وهو مبنيٌّ على أنَّ النَّهيَ إنَّما وقع عن التَّأخُّر، وليس كذلك.

ورواة هذا الحديث كلُّهم بصريُّون، وفيه: رواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ عن صحابيٍّ، والتَّحديث والقول والعنعنة، وما فيه من عنعنة الحسن وأنَّه لم يسمع (٣) من أبي بكرة وإنَّما يروي عن الأحنف عنه مردودٌ بحديث أبي داود المُصرَّح فيه بالتَّحديث كما مرَّ، وأخرجه أبو داود والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».


(١) عبارته كما في الفتح: «صلاته تامة وليس له تضعيف».
(٢) في (ب) و (س): «حتَّى».
(٣) في (م): «أن لم يسمعه».

<<  <  ج: ص:  >  >>