للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بفتح السِّين والمدِّ من المساواة، والاستثناء هنا من المعنى، كأنَّ معناه: كأنَّ أفعال صلاته كلَّها قريبةٌ من السَّواء، ما خلا القيام والقعود، فإنَّه كان يطوِّلهما. وفيه إشعارٌ بالتَّفاوت والزِّيادة على أصل حقيقة الرُّكوع والسُّجود، وبين السَّجدتين، والرَّفع من الرُّكوع، وهذه الزِّيادة لا بدَّ أن تكون على القدر الَّذي لا بدَّ منه، وهو الطُّمأنينة، وهذا موضع المطابقة بين الحديث والتَّرجمة. وأمَّا قول البدر الدَّمامينيِّ في «المصابيح»: إنَّ قوله: «قريبًا من السَّواء» لا يطابق التَّرجمة لأنَّ الاستواء المذكور فيها هو (١) الهيئة المعلومة السَّالمة من الحنوة والحدبة، والمذكور في الحديث إنَّما هو تساوي الرُّكوع والسُّجود، والجلوس بين السَّجدتين في الزَّمان، إطالةً وتخفيفًا، فقد سبقه إليه العلَّامة ناصر الدِّين بن المُنَيِّر، وأُجيب بأنَّ دلالة الحديث إنَّما هي على قوله في التَّرجمة: «وحدُّ إتمام الرُّكوع والاعتدال فيه» وكأنَّ المعترض لم يتأمَّل ما بعد حديث أبي حُمَيْدٍ من بقيَّة التَّرجمة (٢).

وأمَّا مُطابَقة الحديث لقوله: «حدُّ إتمام الرُّكوع» فمن جهة أنَّه دلَّ على تسوية الرُّكوع والسُّجود، والاعتدال والجلوس بين السَّجدتين، وقد ثبت في بعض طرقه عند مسلمٍ: تطويل الاعتدال، فيُؤخَذ منه إطالة الجميع، والله أعلم، وقد جزم بعضهم بأنَّ المرادَ بالقيام: الاعتدالُ، وبالقعود: الجلوسُ بين السَّجدتين، وردَّه ابن القيِّم في «حاشيته على السُّنن» فقال: هذا سوء فهمٍ من قائله لأنَّه قد ذكرهما بعينهما، فكيف يستثنيهما؟ وهل يحسن قول القائل: جاء زيدٌ وعمرٌو وبكرٌ


(١) في (ب) و (س): «هي».
(٢) قوله: «وحدُّ إتمام الرُّكوع والاعتدال فيه، وكأنَّ … حُمَيْدٍ من بقيَّة التَّرجمة» سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>