للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحقيقة لعلَّهم ينتفعون بذلك، حتَّى ﴿ضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ [الحديد: ١٣] (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ) ﷿، أي: يظهر لهم في غير صورته، أي: في غير صفته الَّتي يعرفونها من الصِّفات الَّتي تعبَّدهم بها في الدُّنيا؛ امتحانًا منه ليقع التَّمييز بينهم وبين غيرهم ممَّن يعبد غيره تعالى (فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ) فيستعيذون بالله منه لأنَّه لم يظهر لهم بالصِّفات الَّتي يعرفونها، بل بما استأثر بعلمه تعالى لأنَّ معهم منافقين لا يستحقُّون الرُّؤية، وهم عن ربِّهم مَحجوبون (فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا) بالرَّفع خبر المبتدأ الَّذي هو اسم الإشارة (حَتَّى يَأْتِيَنَا) يظهر لنا (رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ) ظهر (رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللهُ) ﷿، أي: يظهر متجلِّيًا بصفاته المعروفة عندهم، وقد تميَّز المؤمن من المنافق (فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ) فإذا رأوا ذلك عرفوه به تعالى (فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا) ويحتمل أن يكون الأوَّل قول المنافقين، والثَّاني قول المؤمنين، وقيل: الآتي في الأوَّل مَلَكٌ، ورجَّحه عياضٌ، أي: يأتيهم ملكُ الله، حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وعُورضَ بأنَّ الملَك معصوم، فكيف يقول: أنا ربكم، وأُجِيْبَ بأنَّا لا نسلِّم عصمته من هذه الصَّغيرة، ورُدَّ بأنَّه يلزم منه أن يكون قول فرعون: أنا ربُّكم من الصَّغائر فالصَّواب ما سبق (فَيَدْعُوهُمْ) ربُّهم (فَيُضْرَبُ) بالفاء وضمِّ الياء وفتح الرَّاء مبنيًّا للمفعول، ولأبوي الوقت وذَرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكر:

<<  <  ج: ص:  >  >>