للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كقول معبدٍ: لم أحدِّثك بهذا- فسوَّى ابن الصَّلاح -تبعًا للخطيب- بينهما أيضًا، وهو الَّذي مشى عليه الحافظ ابن حجرٍ في «شرح النُّخبة»، لكن قال في «فتح الباري»: إنَّ الرَّاجح عند المحدِّثين القبول، وتمسَّك بصنيع مسلمٍ حيث أخرج حديث عمرو بن دينارٍ هذا مع قول أبي مَعْبَدٍ لعمروٍ: لم أحدِّثك به؛ فإنَّه دلَّ على أنَّ مسلمًا كان يرى صحَّة الحديث، ولو أنكره راويه، إذا كان النَّاقل عنه ثقةً، ويعْضدُهُ تصحيح البخاريِّ أيضًا، وكأنَّهم حملوا الشَّيخ على النِّسيان، ويؤيِّده قول الشَّافعيِّ في هذا الحديث بعينه: كأنَّه نسي بعد أن حدَّثه، لكنَّ إلحاق هذه الألفاظ بالصُّورة الثَّانية أظهر، ولعلَّ تصحيح هذا الحديث بخصوصه لمرجِّحٍ اقتضاه تحسينًا للظَّنِّ بالشَّيخين، لاسيَّما وقد قِيلَ، كما أشار إليه الإمام فخر الدِّين في «المحصول»: إنَّ الرَّدَّ إنَّما هو عند التَّساوي، فلو رجح أحدهما عُمِل به.

قال الحافظ ابن حجرٍ: وهذا الحديث من أمثلة هذا، مع أنَّه قد حُكِي عن الجمهور من الفقهاء في هذه الصُّورة القبول، وعن بعض الحنفيَّة وروايةٍ عن أحمد الرَّدُّ قياسًا على الشَّاهد، وبالجملة؛ فظاهر صنيع ابن حجرٍ اتِّفاق المحدِّثين على الرَّدِّ في صورة التَّصريح بالكذب، وقَصَرَ الخلاف على هذه، وفيه نظرٌ؛ فالخلاف (١) موجودٌ، فمن متوقِّفٍ ومن قائلٍ بالقبول مُطلَقًا، وهو اختيار ابن السُّبكيِّ تبعًا لأبي المُظَفَّر ابن السَّمعاني، وقال به أبو الحسين بن


(١) في (ب) و (س): «فإنَّ الخلاف».

<<  <  ج: ص:  >  >>