وأُجيب بأنَّ الرَّواح -كما قاله الأزهريُّ- يُطلَق لغةً على الذَّهاب، سواءٌ كان أوَّل النَّهار أم آخره، أو اللَّيل، وهذا هو الصَّواب الَّذي يقتضيه الحديث، والمعنى: فدلَّ على أنَّه لا فضيلة لمن أتى بعد الزَّوال لأنَّ التَّخلُّف بعد النِّداء حرامٌ، ولأنَّ ذكر السَّاعات إنَّما هو للحثِّ على التَّبكير إليها، والتَّرغيب في فضيلة السَّبق، وتحصيل الصَّفِّ الأوَّل، وانتظارها، والاشتغال بالتَّنفُّل والذِّكر ونحوه، وهذا كلُّه لا يحصل بالذَّهاب بعد الزَّوال، وحكى الصَّيدلانيُّ أنَّه من ارتفاع النَّهار، وهو وقت الهجير (١). (فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ) الَّذين وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة وما تشتمل عليه من ذكرٍ وغيره، وهم غير الحفظة (يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ) أي: الخطبة، وزاد في رواية الزُّهريِّ الآتية:«طَوَوْا صحفهم»[خ¦٩٢٩]، ولـ «مسلمٍ» من طريقه: «فإذا جلس الإمام طووا الصُّحف، وجاؤوا يستمعون الذِّكر» فكان ابتداؤه خروج الإمام وانتهاؤه بجلوسه على المنبر، وهو أوَّل سماعهم للذِّكر، وفي حديث ابن عمر عند أبي نُعيمٍ في «الحلية» مرفوعًا: «إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكةً بصحفٍ من نورٍ وأقلامٍ من نورٍ … » الحديثَ. ففيه صفة الصُّحف، وأنَّ الملائكة المذكورين غير الحفظة، والمراد بطيِّ الصُّحف