طلب تحسين الظَّاهر من الغسل والتَّنظيف والتَّطيُّب (١)، خصوصًا تطييب الفم الَّذي هو محلُّ الذِّكر والمناجاة، وإزالة ما يضرُّ بالملائكة وبني آدم من تغيُّر الفم، وفي حديث عليٍّ عند البزَّار:«أنَّ الملَك لا يزال يدنو من المصلِّي يستمع القرآن حتَّى يضع فاه على فيه … » الحديثَ، ولأحمد وابن حبَّان:«السِّواك مطهرةٌ للفم، مرضاةٌ للرَّبِّ» وله وابن خزيمة: «فضل الصَّلاة الَّتي يُستاك لها على الصَّلاة الَّتي لا يُستاك لها سبعون ضعفًا». فإن قلت: قوله: «لولا أن أشقَّ على أمَّتي» في ظاهره إشكالٌ لأنَّ «لولا» كلمةٌ لربط امتناع الثَّانية لوجود الأولى، نحو: لولا زيدٌ لأكرمتك، أي: لولا زيدٌ موجودٌ، وههنا العكس، فإنَّ الممتنع المشقَّة، والموجود الأمر إذ قد ثبت أمره بالسِّواك كحديث ابن ماجه عن أبي أُمامة مرفوعًا:«تسوَّكوا»، ونحوه لأحمد عن العبَّاس، وحديث «المُوطَّأ»: «عليكم بالسِّواك … »، أُجيب بأنَّ التَّقدير: لولا مخافة أن أشقَّ لأمرتكم أمرَ إيجابٍ، كما مرَّ تقديره، ففيه نفيُ الفرضيَّة، وفي غيره من الأحاديث إثبات النَّدبيَّة كحديث مسلمٍ عن عائشة رضي الله تعالى عنها:«عشرٌ من الفطرة … » فذكر منها: السِّواك. وقال إمامنا الشَّافعيُّ-﵀ في حديث الباب: فيه دليلٌ على أنَّ السِّواك ليس بواجبٍ لأنَّه لو كان واجبًا لأمرهم به، شقَّ أو لم يشقَّ. انتهى. وقال الشَّيخ أبو إسحاق في «اللُّمع»: فيه دليلٌ على أنَّ الاستدعاء على جهة النَّدب ليس بأمرٍ حقيقةً لأنَّ السِّواك عند كلِّ صلاةٍ مندوبٌ،