«رأيتك تتخطَّى رقاب النَّاس وتؤذيهم، مَنْ آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»، وللتِّرمذيِّ:«من تخطَّى رقاب النَّاس يوم الجمعة اتُّخِذ جسرًا إلى جهنَّم»، قال العراقيُّ: المشهور «اتُّخِذَ» مبنيًّا للمفعول، أي: يُجعَل جسرًا على طريق جهنَّم ليُوطَأ ويُتخطَّى كما تخطَّى رقاب النَّاس، فإنَّ الجزاء من جنس العمل، ويحتمل أن يكون على بناء الفاعل، أي: اتَّخذ لنفسه جسرًا يمشي عليه إلى جهنَّم بسبب ذلك، ولأبي داود من طريق عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رفعه: «ومن تخطَّى (١) رقاب النَّاس كانت له ظهرًا» أي: لا تكون له كفَّارةً لما بينهما، نعم لا يُكرَه للإمام إذا لم يبلغ المحراب إلَّا بالتَّخطِّي لاضطراره إليه، ومن لم يجد فرجةً بأن لم يبلغها إلَّا بتخطِّي صفٍّ أو صفَّين فلا يُكرَه وإن وجد غيرها؛ لتقصير القوم بإخلاء الفرجة، لكن يُستحَبُّ له إن وجد غيرها ألَّا يتخطَّى. وهل الكراهة المذكورة للتَّنزيه أم للتَّحريم؟ صرَّح بالأوَّل في «المجموع»، ونقل الشَّيخ أبو حامدٍ الثَّاني عن نصِّ الشَّافعيِّ ﵀، واختاره في «الرَّوضة» في: «الشَّهادات»، وقيَّد المالكيَّة والأوزاعيُّ الكراهة بما إذا كان الإمامُ على المنبر لحديث أحمد الآتي.
وأما الثَّاني -وهو أن يزحزح رجلين عن مكانهما ويجلس بينهما- فيأتي إن شاء الله تعالى في الباب التَّالي [خ¦٩١١].