للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الحال، وجاءت معرفةً، وهو قليلٌ (وَمَثَلُ المُهَجِّرِ) بضمِّ الميم وتشديد الجيم المكسورة، أي: وَصِفَةُ المبكِّر، أو المراد الَّذي يأتي في الهاجرة، فيكون دليلًا للمالكية، وسبق البحث فيه (كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي) بضمِّ أوَّله وكسر ثالثه، أي: يقرِّب، وللأَصيليِّ: «كالَّذي يهدي» (بَدَنَةً) من الإبل، خبرٌ عن قوله: «مَثَلُ المهجِّر»، والكاف لتشبيه صفةٍ بصفةٍ أخرى (ثُمَّ) الثَّاني (كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ) الثَّالث كالَّذي يُهدي (كَبْشًا، ثُمَّ) الرَّابع كالَّذي يُهدي (دَجَاجَةً، ثُمَّ) الخامس كالَّذي يُهدي (بَيْضَةً) إنَّما قدَّرنا بالثَّاني (١) لأنَّه -كما (٢) قال في «المصابيح»: - لا يصحُّ العطف على الخبر لئلَّا يقعا معًا خبرًا عن واحدٍ، وهو مستحيلٌ، وحينئذٍ فهو خبر مبتدأٍ محذوفٍ مُقدَّرٍ بما مرَّ، وكذا قوله: «ثمَّ كبشًا» لا يكون معطوفًا على «بقرة» لأنَّ المعنى يأباه، بل هو معمول فعلٍ محذوفٍ أيضًا دلَّ عليه المتقدِّم، والتَّقدير (٣) -كما مرَّ- ثمَّ الثَّالث كالَّذي يُهدي كبشًا، وكذا ما بعده (فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا) أي: الملائكة (صُحُفَهُمْ) الَّتي كتبوا فيها درجات السَّابقين على من يليهم في الفضيلة (وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ) أي: الخطبة، وأتى بصيغة المضارع لاستحضار صورة الحال؛ اعتناءً بهذه المرتبة، وحملًا على الاقتداء بالملائكة، وهذا موضع الاستشهاد على التَّرجمة، قال التَّيميُّ: في استماع الملائكة حضٌّ على استماعها والإنصات إليها، وقد ذكر كثيرٌ من المفسِّرين أنَّ قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ﴾ [الأعراف: ٢٠٤] ورد (٤) في الخطبة، وسُمِّيت قرآنًا لاشتمالها عليه، والإنصات: السُّكوت، والاستماع: شغل السَّمع بالسَّماع (٥)، فبينهما عمومٌ وخصوصٌ من وجهٍ. واختلف العلماء في هذه المسألة، فعند الشَّافعيَّة يُكرَه الكلام حال الخطبة من ابتدائها لظاهر الآية، وحديثِ مسلم عن أبي هريرة: «إذا قلت


(١) في (ب) و (س): «الثاني».
(٢) في (ص): «الَّذي».
(٣) في (د): «وتقديره».
(٤) في (د): «واردٌ».
(٥) في (د): «بالكلام».

<<  <  ج: ص:  >  >>