للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معه، وطائفةٌ وِجَاهَ العدوِّ، فصلَّى بالَّتي معه ركعةً، ثمَّ ثبت قائمًا، وأتمُّوا لأنفسهم، ثمَّ انصرفوا فصفُّوا وِجاهَ العدوِّ، وجاءت الطَّائفة الأخرى فصلَّى بهم الرَّكعة الَّتي بقيت من صلاته، ثمَّ ثبت جالسًا وأتمُّوا لأنفسهم، ثمَّ سلَّم بهم» أي: بالطَّائفة الثَّانية بعد التَّشهُّد، قال مالكٌ: هذا أحسن ما سمعت في صلاة الخوف. وهو دليل المالكيَّة غير قوله: ثمَّ ثبت جالسًا، وإنَّما اختار الشَّافعيَّة هذه الكيفيَّة لسلامتها من كثرة المخالفة، ولأنَّها أحوط لأمر الحرب، فإنَّها أخفُّ على الفريقين، ويُكرَه كون الفرقة المصلِّية معه والَّتي في وجه العدوِّ أقلَّ من ثلاثةٍ لقوله تعالى: ﴿وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ﴾ مع قوله: ﴿وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] فذكرهم بلفظ الجمع، وأقلُّه ثلاثٌة، فأقلُّ الطَّائفة هنا ثلاثٌة، وهذا النَّوع بكيفيَّته حيث يكون العدوُّ في غير القبلة، أو فيها لكن حال دونهم حائلٌ يمنع رؤيتهم لو هجموا، ويجوز للإمام أن يصلِّي مرَّتين، كلَّ مرَّةٍ بفرقةٍ، فتكون الثَّانية له نافلةً، وهذه صلاة رسول الله ببطن نخلٍ، رواها الشَّيخان [خ¦٤١٢٩] [خ¦٤١٣٠] لكنَّ الأولى أفضل من هذه لأنَّها أعدل بين الطَّائفتين، ولسلامتها عمَّا في هذه من اقتداء المفترض بالمتنفِّل المُختلَف فيه، وتتأتَّى في تلك الصَّلاة (١) الجمعةُ بشرط أن يخطب بجميعهم ثمَّ يفرِّقهم فرقتين، أو يخطب بفرقةٍ ثمَّ يجعل منها مع كلٍّ من الفرقتين أربعين، فلو خطب بفرقةٍ وصلَّى بأخرى لم يجز، وكذا لو نقصت الفرقة الأولى عن الأربعين، وإن نقصت الثَّانية فطريقان، أصحُّهما: لا يضرُّ للحاجة والمسامحة في صلاة الخوف، ذكره في «المجموع» وغيره، وأمَّا إن كانوا في (٢) جهة القبلة فيأتي قريبًا في «باب يحرس بعضهم بعضًا» [خ¦٩٤٤] إن شاء الله تعالى. فإن كانت الصَّلاة رباعيَّةً، وهم في الحضر أو في السَّفر وأتمُّوا صلَّى بكلٍّ من الفرقتين ركعتين، وتشهَّد بهما وانتظر الثَّانية في جلوس التَّشهُّد، أو


(١) في (م) و (ب): «صلاة».
(٢) في (د): «كان من».

<<  <  ج: ص:  >  >>