للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّفر السَّبعة أو الثَّمانية الَّذين لَقَوه بمنًى، أوَّل من لقيه من الأنصار، كان من جملة ما قالوه لمَّا دعاهم إلى الإسلام والنُّصرة: إنَّما كانت وقعة بعاث (١) عام الأوَّل، فموعدك الموسم القابل، فقدموا في السَّنة الَّتي تليها فبايعوه البيعة الأولى، ثمَّ قدموا الثَّانية فبايعوه، وهاجر في أوائل الَّتي تليها، فدلَّ ذلك على أنَّ وقعة بعاث كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو المعتمد، ويأتي مزيدٌ لذلك -إن شاء الله تعالى- في أوائل «الهجرة» [خ¦٣٩٣١]. (فَاضْطَجَعَ) (عَلَى الفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ) للإعراض عن ذلك لأنَّ مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إليه، لكنَّ عدم إنكاره يدلُّ على تسويغ مثله على الوجه الَّذي أقرَّه؛ إذ إنَّه لا يُقِرُّ على باطلٍ، والأصل: التَّنزُّه عن اللَّعب واللَّهو، فيقتصر على ما ورد فيه النَّصُّ وقتًا وكيفيَّةً (وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق (فَانْتَهَرَنِي) أي: لتقريرها لهما على الغناء، وللزُّهريِّ: «فانتهرهما» أي: الجاريتين لفعلهما ذلك، والظَّاهر على طريق الجمع أنَّه شرك بينهنَّ في الزَّجر. (وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رسول الله ) بكسر الميم آخره هاء تأنيثٍ، يعني: الغناء أو الدُّفُّ لأنَّ المزمارة والمزمار مُشتَقٌّ من الزَّمير، وهو الصَّوت الَّذي له صفيرٌ، ويُطلَق على الصَّوت الحسن، وعلى الغناء، وأضافها إلى الشَّيطان لأنَّها تلهي القلب عن ذكر الله تعالى، وهذا من الشَّيطان، وهذا من الصِّدِّيق إنكارٌ لِما سمع، معتمدًا على ما تقرَّر عنده من تحريم اللَّهو والغناء مُطلَقًا، ولم يعلم أنَّه أقرهنَّ على هذا (٢) القدر اليسير لكونه دخل فوجده مضطجعًا، فظنَّه نائمًا، فتوجَّه له الإنكار. (فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ): يا أبا بكرٍ (دَعْهُمَا) أي: الجاريتين، ولابن عساكر: «دعها» أي: عائشة، وزاد في رواية هشامٍ: «يا أبا بكرٍ، إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدنا» [خ¦٩٥٢] فعرَّفه الحال مقرونًا ببيان الحكمة بأنَّه يوم عيدٍ، أي: يوم سرورٍ شرعيٍّ، فلا


(١) في (د): «بغاث»، وهو تصحيفٌ، وكذلك في الموضع اللَّاحق.
(٢) في (ص): «ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>