للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَتَيْنَا المُصَلَّى) المذكور (إِذَا مِنْبَرٌ) مبتدأٌ، خبره: (بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ) بفتح الصَّاد المُهمَلة (١) وسكون اللَّام ثمَّ مُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ، ابن معاوية الكنديُّ التَّابعيُّ الكبير، المولود في الزَّمن النَّبويِّ، والعامل في «إذا» معنى المفاجأة، أي: فاجأنا مكان المنبر زمان الإتيان، أو الخبر مُقدَّرٌ، أي: هناك، فيكون بناه حالًا، وإنَّما اختصَّ كثيرٌ ببناء المنبر بالمُصلَّى لأنَّ داره كانت في قبلتها. (فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ) أي: يريد صعود المنبر، فـ «أنْ» مصدريَّةٌ (قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ) قال أبو سعيدٍ: (فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ) ليبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة على العادة، ولأبي ذَرٍّ عن المُستملي: «فجبذته بثوبه» (فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَعَ) على المنبر (فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ) ولأصحابه: (غَيَّرْتُمْ وَاللهِ) سنَّةَ رسولِ الله وخلفائه لأنَّهم كانوا يقدِّمون الصَّلاة على الخطبة، فحمله أبو سعيدٍ على التَّعيين. (فَقَالَ) مروان: يا (أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ) قال أبو سعيدٍ: (فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ) أي: الَّذي أعلمه (وَاللهِ خَيْرٌ) ولأبي ذَرٍّ في نسخةٍ: «خيرٌ والله» (مِمَّا لَا أَعْلَمُ) أي: لأنَّ الَّذي أعلمه طريق الرَّسول وخلفائه، والقَسَمُ معترضٌ بين المبتدأ والخبر. (فَقَالَ) مروان معتذرًا عن ترك الأَوْلى: (إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَجَعَلْتُهَا) أي: الخطبة (قَبْلَ الصَّلَاةِ) فرأى أنَّ المحافظة على أصل السُّنَّة -وهو استماع الخطبة- أَوْلَى من المحافظة على هيئةٍ فيها ليست من شرطها، ومذهب الشَّافعيَّة: لو خطب قبلها لم يُعتَّد بها (٢) وأساء، وأمَّا ما (٣) فعل مروان بن الحكم من تقديم الخطبة فقد أنكره عليه أبو سعيدٍ كما ترى (٤).

ورواة هذا الحديث كلُّهم مدنيُّون.


(١) «المهملة»: ليس في (د).
(٢) في غير (ب) و (س): «به».
(٣) «ما»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) «كما ترى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>