أو من قول الجاهليَّة: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كيما نُغِيرَ، أي: ندفع فننحر، وحينئذٍ فإخراجهم يوم النَّحر منها إنَّما هو لشهرته بلقبٍ خاصٍّ، وهو: يوم العيد، وإلَّا فهي في الحقيقة تبعٌ له في التَّسمية، وقد روى أبو عُبيدٍ من مرسل الشَّعبيِّ بسندٍ رجالُه ثقاتٌ:«من ذبح قبل التَّشريق فليُعِد» أي: قبل صلاة العيد، لكنَّ مقتضى كلام الفقهاء واللُّغويِّين: أنَّها غيره، والله تعالى أعلم.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ)﵄ ممَّا وصله عبد بن حُمَيْدٍ في «تفسيره»: ((وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)) باللَّام: هي (أَيَّامُ العَشْرِ) الأُوَل من ذي الحجَّة، قال (١): (وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ) بالدَّال، هي (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ) الثَّلاثة: الحادي عشر من ذي الحجَّة، يوم القَرِّ، بفتح القاف؛ لأنَّ الحُجَّاج يَقِرُّون فيه بمنًى، والثَّاني عشر، والثَّالث عشر، المُسمَّيان بالنَّفر الأوَّل لجواز النَّفر فيه لمن تعجَّل، والنَّفر الثَّاني، ويُقال لها: أيَّام منًى لأنَّ الحجَّاج يقيمون فيها بمنًى، وهذا، أي: قوله: «(واذكروا الله في أيَّامٍ معلوماتٍ)» -باللَّام- رواية كريمة وابن شَبُّوَيه، وهي خلاف التِّلاوة لأنَّها في سورة «البقرة»: (معدوداتٍ)[البقرة: ٢٠٣] بالدَّال، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي «(ويذكروا الله في أيَّامٍ معدوداتٍ)» بالدَّال، وهي مخالفةٌ للتِّلاوة أيضًا لأنَّها وإن كانت موافقةً لآية «البقرة» في ﴿مَّعْدُودَاتٍ﴾ بالدَّال، لكنَّها مخالفةٌ لها من حيث التَّعبير بفعل الأمر، موافقةٌ لآية «الحجِّ» في التَّعبير بالمضارع، لكنَّ تلك، أي: آية «الحجِّ» ﴿مَّعْلُومَاتٍ﴾ باللَّام، مع إثبات: ﴿اسْمَ﴾ في قوله: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ﴾ ولأبي ذَرٍّ أيضًا عن الكُشْمِيْهَنِيِّ ممَّا في «الفتح» و «العمدة»: «(وَيَذْكُرُوا اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)» باللَّام، بلفظ سورة «الحجِّ»، لكنَّه حُذِف لفظ: ﴿اسْمَ﴾ وبالجملة فليس في هذه الرِّوايات الثَّلاث ما يوافق التِّلاوة، ومن ثمَّ استُشكِلت، وأُجيب