للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخبره قوله: (أَفْضَلُ مِنَها) الجارُّ والمجرور متعلِّقٌ بـ «أفضلُ»، والضَّمير عائدٌ إلى «العمل» بتقدير الأعمال كما في قوله تعالى: ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ﴾ [النور: ٣١] كذا قرَّره البرماويُّ والزَّركشيُّ، وتعقَّبه المحقِّق ابن الدَّمامينيِّ فقال: هذا غلطٌ لأنَّ الطِّفل يُطلَق على الواحد والجماعة بلفظٍ واحدٍ بخلاف العمل، وزاد فخرَّجه على أن يكون الضَّمير عائدًا إلى العمل باعتبار إرادة القربة، مع عدم تأويله بالجمع، أي: ما القربة في أيَّامٍ أفضلُ منها (في هَذَا العَشْرِ) الأُوَل من ذي الحجَّة، كذا في رواية أبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ بالتَّصريح بالعشر، وكذا عند أحمد عن غندر عن شعبة بالإسناد المذكور، بل في رواية أبي داود الطَّيالسيِّ عن شعبة بلفظ: «عشر ذي الحجَّة» وممَّن صرَّح بالعشر أيضًا ابن ماجه وابن حبَّان وأبو عَوانة، ولكريمة عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «ما العمل في أيَّامٍ (١) أفضل من العمل في هذه» بتأنيث الضَّمير مع إبهام الأيَّام، وفسَّرها بعض الشَّارحين بأيَّام التَّشريق لكون المؤلِّف ترجم لها، وهو يقتضي نفي أفضليَّة العمل في أيَّام العشر على (٢) أيَّام التَّشريق، ووجَّهه صاحب «بهجة النُّفوس» بأنَّ أيَّامَ التَّشريق أيَّامُ غفلةٍ، والعبادة في أوقات (٣) الغفلة فاضلةٌ عن غيرها كمن قام في جوف اللَّيل وأكثرُ النَّاسِ نيامٌ، وبأنَّه وقع فيها محنة الخليل بولده عليهما الصَّلاة والسَّلام، ثمَّ منَّ عليه بالفداء، وهو مُعارَضٌ بالمنقول كما قاله في «الفتح»، فالعمل في أيَّام العشر أفضل من العمل في غيرها (٤) من أيَّام الدُّنيا من غير استثناء شيءٍ، وعلى هذا فرواية كريمة شاذَّةٌ لمخالفتها رواية أبي ذَرٍّ -وهو من الحفُّاظ- عن شيخهما الكُشْمِيْهَنِيِّ، لكن يعكِّر عليه ترجمة المؤلِّف بـ «أيَّام التَّشريق». وأُجيب باشتراكهما في أصل الفضيلة لوقوع أعمال الحجِّ فيهما، ومن ثمَّ اشتركا في مشروعيَّة التَّكبير. وفي رواية أبي الوقت والأَصيليِّ وابن عساكر: «ما العمل في أيَّامٍ أفضل منها في هذه»


(١) زيد في غير (د): «العشر»، ولعلَّ حذفها هو.
(٢) «أيَّام العشر على»: سقط من (د).
(٣) في (د): «أيَّام».
(٤) في (ص) و (م): «غيره».

<<  <  ج: ص:  >  >>