للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لاشتمالها على ليلة القدر، قال الحافظ ابن رجبٍ: وهذا (١) بعيدٌ جدًّا، ولو صحَّ حديث أبي هريرة المرويِّ في «التِّرمذيِّ»: «قيام كلِّ ليلةٍ منها بقيام ليلة القدر» لكان صريحًا في تفضيل لياليه على ليالي عشر رمضان، فإنَّ عشر رمضان فُضِّل بليلةٍ واحدةٍ، وهذا جميع لياليه متساويةٌ، والتَّحقيق: ما قاله بعض أعيان المتأخِّرين من العلماء (٢): إنَّ مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان، وإن كان في عشر رمضان ليلةٌ لا يفضل عليها غيرها. انتهى. واستُدِلَّ به على فضل صيام عشر الحجَّة لاندراج الصَّوم في العمل، وعُورِض بتحريم صوم يوم العيد، وأُجيب بحمله على الغالب، ولا ريب أنَّ صيام رمضان أفضل من صوم العشر لأنَّ فعل الفرض أفضل من النَّفل من غير تردُّدٍ، وعلى هذا فكلُّ ما فُعِل من فرضٍ في العشر فهو أفضل من فرضٍ فُعِل في غيره، وكذا النَّفل (قَالُوا): يا رسول الله (وَلَا الجِهَادُ) أفضل منه؟ (٣) وزاد أبو ذَرٍّ: «في سبيل الله» (قَالَ) : (وَلَا الجِهَادُ) في سبيل الله، ثمَّ استثنى جهادًا واحدًا وهو أفضل الجهاد، فقال: (إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ) أي: إلَّا عملُ رجلٍ، فهو مرفوعٌ على البدل، والاستثناء متَّصلٌ، وقِيلَ: منقطعٌ، أي: لكن رجلٌ خرج يخاطر بنفسه، فهو أفضل من غيره أو مساوٍ له، وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّه إنَّما يستقيم على اللُّغة التَّميميَّة، وإلَّا فالمنقطع عند غيرهم واجبُ النَّصب، ولأبي ذَرٍّ عن المُستملي: «إلَّا من خرج» حال كونه (يُخَاطِرُ) من المخاطرة وهي ارتكاب ما فيه خطرٌ (بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) من ماله وإن رجع هو، أو لم يرجع هو ولا ماله بأن ذهب ماله واستُشهِد، كذا قرَّره ابن بطَّالٍ، وتعقَّبه الزَّين بن المُنَيِّر بأنَّ قوله: «فلم يرجع بشيءٍ» يستلزم أنَّه يرجع (٤) بنفسه، ولا بدَّ، وأُجيب بأنَّ قوله: «فلم يرجع بشيءٍ» نكرةٌ في سياق النَّفي، فتعمُّ ما ذكره، وعند أبي عَوانة من طريق


(١) في (د): «وهو».
(٢) يقصد شيخ الإسلام زكريا الأنصاري وهذا هو قوله كما في منحة الباري شرح صحيح البخاري (٣/ ٤٢).
(٣) في غير (ب) و (س): «منها».
(٤) في (م): «رجع».

<<  <  ج: ص:  >  >>