حتَّى نزل ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] فترك إلَّا في الصُّبح، كما روى أنسٌ: أنَّه ﷺ لم يزل يقنت في الصُّبح حتَّى فارق الدُّنيا -كما مرَّ- كذا قرَّره البرماويُّ كالكِرمانيِّ. وتُعقِّب بأنَّ قوله: إلَّا في الصُّبح، يحتاج إلى دليلٍ، وإلَّا فهو نسخٌ فيهما، وقال الطَّحاويُّ: أجمعوا على نسخه في المغرب، فيكون في الصُّبح كذلك. انتهى. وقد عارضه بعضهم فقال: قد أجمعوا على أنه ﷺ قنت في الصُّبح، ثمَّ اختلفوا هل ترك؟ فيتمسَّك بما أجمعوا عليه حتَّى يثبت ما اختلفوا فيه، فإن قلت: ما وجه إيراد هذا الباب في أبواب الوتر ولم يكن في أحاديثه تصريحٌ به؟ أُجيبَ بأنَّه ثبت أنَّ المغرب وتر النَّهار، فإذا ثبت فيها، ثبت في وتر اللَّيل بجامع ما بينهما من الوتريَّة (١)، وفي حديث الحسن بن عليٍّ عند أصحاب السُّنن قال: علَّمني رسول الله ﷺ كلماتٍ أقولهنَّ في قنوت الوتر: «اللَّهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن تولَّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرَّ ما قضيت، فإنَّك تقضي ولا يقضى عليك، وإنَّه لا يذلُّ من واليت،