للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو الرَّوابي الصَّغار دون الجبل، أي: أنزل المطر حيث لا نستضرُّ به (١). قال البرماويُّ والزَّركشيُّ: وخُصَّت بالذِّكر لأنَّها أوفق للزِّراعة من رؤوس الجبال. انتهى. وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّ الجبال مذكورةٌ في لفظ الحديث هنا، فما هذه الخصوصيَّة بالذِّكر؟ ولعلَّه يريد الحديث الَّذي في التَّرجمة الآتية، فإنَّه لم يذكر فيها الجبال (وَالأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) أي: المرعى، لا في الطّرق المسلوكة، فلم يَدْعُ برفعه (٢) لأنَّه رحمةٌ، بل دعا بكشف ما يضرُّهم، وتصييره إلى حيث يبقى نفعه وخصبه، ولا يستضرُّ به ساكنٌ ولا ابن سبيلٍ، وهذا من أدبه الكريم وخلقه العظيم، فينبغي التَّأدُّب بمثْل أدبه. واستُنبطَ من هذا أنَّ مَن أنعم الله عليه (٣) بنعمةٍ لا ينبغي له أن يتسَّخطها (٤) لعارضٍ يعرض فيها، بل يسأل الله تعالى رفعَ ذلك العارض وإبقاءَ النِّعمة. (قَالَ) أنسٌ: (فَانْقَطَعَتْ) أي: الأمطار عن المدينة (وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، قَالَ شَرِيكٌ) الرَّاوي (فَسَأَلْتُ) وللأَصيليِّ: «فسألنا» (أَنَسًا: أَهُوَ) أي: السَّائل الثَّاني (الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي) عبَّر أنسٌ أوَّلًا بقوله: إنَّ رجلًا دخل المسجد، وعبَّر ثانيًا بقوله (٥): ثمَّ دخل رجلٌ (٦)، فأتى بـ «رجلٍ» نكرةً في الموضعَين مع تجويزه (٧) أن يكون الثَّاني هو الأوَّل، ففيه أنَّ النَّكرة إذا أعيدت نكرةً لا يجزم بأنَّ مدلولها ثانيًا غير مدلولها أوَّلًا، بل الأمر محتملٌ، والمسألة مقرَّرةٌ في محلِّها، قاله في «المصابيح»، فإنَّ قلت: لِمَ لَمْ


(١) في (د): «حيث لا أبنية».
(٢) في (د): «يرفعه».
(٣) «عليه»: سقط من (د).
(٤) في (د): «يسخطها».
(٥) «بقوله»: ليس في (د).
(٦) عبارة المصابيح: «ثم دخل رجل من ذلك الباب».
(٧) في (م): «تجويز». وكذا في «المصابيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>