للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو كقولهم: تجوع الحرَّة ولا تأكل (١) بثديَيْها، فإنَّ الجوع ليس مقصودًا لعينه، ولكن لكونه مانعًا من الرَّضاعة بأجرةٍ إذ كانوا يكرهون ذلك. انتهى. قال (٢) الدَّمامينيُّ -بعد أن نقل ذلك عن ابن المنيِّر-: فليست (٣) الواو مخلصةً للعطف، ولكنَّها كواو التَّعليل وفائِهِ، فالمراد أنَّه إِنْ (٤) سبق في قضائك أَنْ لا بدَّ من المطر فاجعلْه حول المدينة، ويدلُّ على أنَّ الواو ليست لمحض العطف اقترانُها بحرف النَّفي، ولم يتقدَّم مثلُه، ولو قلت: اِضرب زيدًا ولا عمرًا، ما استقام على العطف، قلت: لم يستقم لي إجراء هذا الكلام على القواعد، وليس لنا في كلام العرب واوٌ وُضعَت للتَّعليل، وليست «لا» هنا للنَّفي، وإنَّما هي الدُّعائيَّة مثل: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] والمراد: أنزلِ المطر حوالينا حيث لا نستضرُّ به، ولا تنزله علينا حيث نستضرُّ به، فلم يطلب منع الغيث بالكليَّة، وهو من حسن الأدب في الدُّعاء لأنَّ الغيث رحمةُ الله ونعمته المطلوبة، فكيف يطلب منه رفع نعمته، وكشف رحمته؟ وإنَّما يُسأل (٥) سبحانه كشف البلاء، والمزيد من النَّعماء، وكذا (٦) فَعَلَ ، فإنَّما سأل جلب النَّفع، ودفع الضَّرر، فهو استسقاءٌ بالنِّسبة إلى محلَّين، والواو: لمحض العطف، و «لا»: جازمةٌ لا نافيةٌ، ولا إشكالَ ألبتَّة، ولو حُذِفَت الواو، وجعلت «لا» نافيةً وهي مع ذلك للعطف، لاستقام الكلام، لكن أوثر الأوَّل -والله أعلم- لاشتماله على جملتَين طلبيَّتين، والمقام يناسبه (اللَّهُمَّ) أَنْزِله (عَلَى


(١) زيد في (ب): «الحرّة».
(٢) زيد في غير (د): «ابن»، وليس بصحيحٍ.
(٣) في (م): «قلت»، وهو ليس بصحيحٍ.
(٤) «إِنْ»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٥) في (م): «سأل».
(٦) زيد في (م): «كان».

<<  <  ج: ص:  >  >>